तरग़ीब व तरहीब
الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة
प्रकाशक
مكتبة مصطفى البابي الحلبي
संस्करण संख्या
الثالثة
प्रकाशन वर्ष
١٣٨٨ هـ - ١٩٦٨ م
प्रकाशक स्थान
مصر
فخرج يمشى بيننا ونحن نَنْتَجِي (١) والله أعلم بما نتناجى، فقال عبادة بن الصامت: لئن طال بكما عمر أحدكما: أو كلاكما لتوشكان (٢) أن تريا الرجل من ثبج المسلمين (يعنى من وسط) قُرَّاء القُرآن على لسان محمد ﷺ قد أعاده وأبداه فأحل حلاله وحرم حرامه، ونزل عند منازله لا يحور (٣)
منه إلا كما يحور رأس الحمار الميت. قال فبينمانحن كذلك إذا طلع علينا شداد بن أوس، وعوف بن مالك ﵄ فجلسا إليه، فقال شداد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لما (٤) سمعت من سول الله ﷺ يقول: (من الشهوة الخفية والشرك) فقال عبادة ابن الصامت وأبو الدرداء: اللهم (٥) غفرًا، أو لم يكن رسول الله ﷺ قد حدثنا أن الشيطان قد يئس أن يُعبد في جزيرة العرب، فأما الشهوة الخفية فقد عرفناها هي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها - فما هذا الشرك الذى تخوفنا به يا شداد؟ فقال شداد: أرأيتم لو رأيتم رجلا يُصلى لرجل، أو يصوم لرجل، أو يتصدق له لقد أشرك. قال (٦) عوف بن مالك عند ذلك: أفلا يعمد الله إلى ما ابتغى به وجهه من ذلك العمل كله فيقبل ما خلص له، ويدع ما أشرك به؟ قال شداد عند ذلك: فإنى سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الله ﷿ قال: أنا خير قسم لمن أشرك بى - من أشرك بى شيئا فإن جسده وعمله وقليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به أنا عنه غنى. رواه أحمد، وشهر يأتى ذكره،
الترهيب من الشرك الخفى - حب التظاهر بصالحات الأعمال
ورواه البيهقى، ولفظه عبد الرحمن بن غنم: أنه كان في مسجد دمشق مع نفر من أصحاب النبى ﷺ فيهم معاذ بن جبل، فقال عبد الرحمن: يا أيها الناس إن أخوف ما أخاف عليكم: الشرك الخفى، فقال معاذ بن جبل: اللهم غفرًا
_________
(١) نتحادث ونتسامر في خلوة. في نسخة: نتناجى.
(٢) لتقربان بتشديد النون لأنه وقع في جواب القسم الموطأ باللام، والواقع في جواب القسم يؤكد.
(٣) لا يحور: لا يرجع، ومنه قول الشاعر؛
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رمادًا بعد إذ هو ساطع
والمعنى والله أعلم: أن ذلك الرجل الذى حفظ القرآن وأعاده وأبداه في حياته، ولكن كان مرائيا ومنافقا ويبتغى به عرض الدنيا فمات ولم ينتفع بقراءته ولا ثواب له في آخرته وترجع له الحياة ورأسه خال من آيات الله كما ترجع رأس الحمار الميت: قال الله تعالى لمن يحمل الكتب ولا ينتفع بعملها ولا يعمل بها (كمثل الحمار يحمل أسفارًا) فهذا كان يقرأ للرياء والشهرة وماكان يقصد وجه الله تعالى فحشره الله محروما من نعيم أهل القرآن. يجوز في نسختين: أي يحور
(٤) لما: من غير تشديد لأنها مركبة من لام الابتداء الداخلة على الخبر ومن ما الموصولة التي هي خبر إن.
(٥) نطلب منك يا الله ستر ذنوبنا وتوفيقنا لرضاك فقط.
(٦) في نسخة: فقال.
1 / 70