तराजिम मिसरिया वा गर्बिया
تراجم مصرية وغربية
शैलियों
هذا جمالك يغنينا محياه
لعلك تلمح فيما نقلنا من هاتين القصيدتين - أو المقطوعتين إن شئت - شيئا غير الغزل بجمال المرأة من غير تقيد بامرأة معينة، ولعلك تلمح فيها من الموسيقى أكثر مما اعتدت أن تلمح فيما تستمع إليه من شعر غير إسماعيل صبري، وإنك لواجد هذه النغمة الموسيقية الحلوة الرقيقة في أكثر شعره وإن لم يكن في شعره جميعا، بل إنك لواجدها حتى في القصائد التي يكلف الشاعر نفسه أن يكون حماسيا فيها كقصيدة فرعون وقومه، بل إنك لواجدها حتى فيما يتكلف فيه الحكمة كقصيدة الساعة وما نظمه عن نجم هالي، وذلك طبيعي وقد كان إسماعيل صبري مشغوفا بالغناء طول حياته إلى غير حد حتى كانت الحياة عنده قطعة من الموسيقى، أو قل كان خير ما في الحياة عنده قطعة من الموسيقى، وكان سمعه أكرم حواسه عليه، أليس في رثائه يقول حافظ إبراهيم:
لقد كنت أغشاه في داره
وناديه فيها زها وازدهر
وأعرض شعري على مسمع
لطيف يحس نبو الوتر
والحق أن إسماعيل صبري لم يولع في حياته بشيء ولعه بالغناء، ولم يجاهد وهو في مناصب القضاء لترقية شيء في مصر أكثر من جهاده لترقية الغناء، كان ذلك شأنه منذ عهد الخديو إسماعيل باشا، أي منذ أن نشأ يقول الشعر إلى أن مات، وكان لا يقف من شعره الغنائي عند الشعر العربي بل كان يختلط بالمغنين ورجال الموسيقى وكان يضع لهم أدوارا باللغة المصرية، وكان لذلك موضع محبة رجال الفن الموسيقيين والمغنين واحترامهم.
ولقد كان له في هذا الباب فضل كبير: رفع الأدوار الغنائية من درك كانت فيه، فجعلها ذات معان رقيقة تمثل عواطف طاهرة وميولا سامية، وأدواره (قدك أمير الأغصان) و(الفجر لاح قوموا يا تجار النوم) وغيرهما لا تزال من أفضل الأدوار المصرية التي تغنى إلى وقتنا الحاضر، وقد عرفه الناس جميعا بذلك حتى كان حجة يرجع إليه، روى لي أحمد شوقي بك حادثة غاية في اللطف، تلك أنه كان عنده وهو يشغل منصب النائب العمومي يوما وكانت مصر تموج أفكار أهلها بحادث سياسي وقع فيها، وفيما هما جالسان يتحدثان دخل حاجب ومعه مظروف حكومي كبير فقطع ذلك حديثهما وانتظرا أن يجدا فيه إشارة إلى الحادث السياسي وما يجب اتخاذه من الإجراءات بإزائه، فلما فض إسماعيل باشا المظروف وقرأ ما بداخله هز رأسه مبتسما، ذلك أن علي باشا شريف رئيس مجلس الشورى يومئذ قد بعث في هذا المظروف بدور غنائي وهو يطلب إلى النائب العمومي إصلاحه، ولهذه المناسبة قص إسماعيل باشا صبري حادثا وقع في قرطبة حين كانت الدولة الإسلامية على وشك الزوال منها، وكانت طرقها تجري دما لاقتتال الناس فيها؛ ذلك أن فتاة أطلت من نافذتها منادية صديقة لها في نافذة مقابلة تطلب إليها وترا تصلح به عودها، وكذلك يطلب رئيس مجلس الشورى إلى النائب العام أن يصلح له دورا غنائيا بينما تموج البلاد بحادث سياسي لا تعرف نتائجه.
ولهذا الولع بالنغمة وبالغناء ترى الكثير من شعر إسماعيل صبري صالحا لأن يكون صوتا يغنى فيه، اسمع إلى قوله يخاطب سيدة تدعى ألكسندرا:
انثري الدر يا سمية إسكن
अज्ञात पृष्ठ