ताराजिम मशहीर
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
शैलियों
وكان لهذه الغلبة رنة في باريس، وقام الخطباء يحثون الحكومة على إرسال القوات اللازمة لقتال ذلك الأمير البدوي وقهره، وكان عبد القادر يعرف كل ما يدور في باريس من هذا القبيل؛ لأنه كان يطلع على الجرائد الفرنساوية بواسطة تراجمة يحسنون فهمها، فكان على بينة من مقاصد عدوه.
وفي نوفمبر سنة 1835 قدمت الجنود الفرنساوية إلى وهران لمحاربته فقاتلهم، ولكنه لم يفز فتفرق رجاله فعاد إلى عاصمته (مسكرا)، ونزل في بلد على مقربة منها وهو في حالة اليأس الشديد؛ خوفا من نهوض الفرنساويين عليه، وكانوا معسكرين في مسكرا، فأصبح يوما وقد أخلوها لغير سبب يعلمه، فعاد هو إليها ونزلها فعاد إليه رجاله واشتد أزره وأخذ في مقاصة الذين عصوه.
أما الفرنساويون فاحتلوا تلمسان فلاقاهم أهلها بالترحاب، ولكنهم ضربوا على يهودها ضريبة كبيرة اعتذروا عن دفعها، فأجبروهم فندم هؤلاء على التسليم وصاروا يودون العود إلى عبد القادر، وكان ذلك مما شدد عزم الأمير فجاء وطارد الفرنساويين وأخرجهم من تلمسان.
فغضب الفرنساويون في باريس فبعثوا بالنجدات القوية فحاربها عبد القادر مرارا، ولكنه انكسر في واقعة منها انكسارا رديئا انتقض من أجله العرب عليه، وفي جملة المنتقضين قاض يقال له: «سيدي إبراهيم» كان في نيته خلع عبد القادر والاستيلاء مكانه، فحمي غضب الأمير لتلك الخيانة فجرد سيفه وعلقه بسرج جواده وركب، وأقسم إنه لا يغمد ذلك السيف حتى يقطع رأس ذلك الخائن، فلما بلغ منزله أمر بإحضاره، فأحضروه وهو يرتعش فضربه ضربة قطعت رأسه، فكان لذلك وقع عظيم في قلوب رجال عبد القادر، فاجتمعوا إليه، واستهانوا بالموت في سبيله، فحمل بهم على مواقع الفرنساويين وضايقهم مضايقة عظيمة حتى قلت المؤن لديهم، وقلت الذخائر لديه.
فدارت المخابرة بين الفريقين في أن يتبادلوا التجارة فيبتاع كل من الفريقين ما يحتاج إليه، وتم الاتفاق على ذلك وهدأت الأحوال.
وبعد ذلك بيسير قدم الجنرال بوجيد من جانب حكومة فرنسا إلى وهران يستحث الجند الفرنساوي على القتال حتى يبيد الأمير ورجاله أو يقبل بهذه الشروط وهي: (1)
اعتراف عبد القادر بسيادة فرنسا. (2)
تحديد مملكته إلى نهر الخليف. (3)
أداؤه الجزية لفرنسا.
فعظمت هذه المطالب على عبد القادر، وأجاب أنه لا يحق لفرنسا أن تشترط هذه الشروط وهي ليست المنتصرة في مواقع الحرب معه، وهددها، فشق ذلك على الفرنساويين ولكنهم فضلوا الصلح على الحرب لعلمهم أن عدوهم عنيد باسل.
अज्ञात पृष्ठ