تقويم اللسان
للإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي
ت ٥٩٧ هـ - ١٢٠١ م
تحقيق
الدكتور عبد العزيز مطر
أستاذ علم اللغة بجامعتي عين شمس وقطر
الطبعة الثانية
(٢٠٠٦ م)
دار المعارف
1 / 1
مقدمة المحقق
1 / 3
دراسة في تقويم اللسان
1 / 23
ظواهر في عربية بغداد من الكتاب
1 / 33
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسِّر وأعن.
الحمد لله، الذي علم وقوم، وبَيَّن وفهم، وأرشد وألْهم، ومنَّ بِتعْريف السبيل الأقوم، علم الإنسان ما لم يعلم. حمدا أضيفه إلى مستَحقِّه وأهله، وأسْتديمه مادامت دِيم فضلِه، وأصلِّي على أشرف الخلائق من بعده ومن قبله، محمد أكرم من وطئ الحصى بنعله، وعلى أصحابه، وأزواجه، وأتباعه، في قوله وفعله، وسلَّم.
أما بعد، فإنى رأيت كثيرا من المنتسبين إلى العلم يتكلَّمون بكلام العوام المرذولِ جريا منهم على العادة، وبعدا عن علم العربية، ورأيت بيان الصوابِ فى كلامهم، مبدَّدا فى كتبِ أهلِ اللغة، وجمعه يثقلُ عنه المتكاسل عن طلب العلم، فقد أفرد قوم ما يلحن فيه العوام، فمنهم من قصر، ومنهم من ردَّ مالا يصلح رده. فرأيت أن أنتخب من
1 / 55
صالح ذلك ما تعمُّ به البلْوى، دون ما يشذ استعماله ويندر، وأرفض من الغلط ما لا يكاد يخفى.
واعلم أن غلط العامّة يتنوّع: فتارة يضمُّون المكسور، وتارة يكسرون المضموم، وتارة يُمدون المقصور، وتارة يقصُرون الممدود، وتارة يشدِّدُون المخفف، وتارة يخفِّفُون المشدًّد، وتارة يزيدون فى الكلمة، وتارة يُنقصُون منها، وتارة يضمونها في غير موضعها. إلى غير ذلك من الأقسام.
وكنتُ قد عزمت على أن أجعَل لكلِّ شيء من هذا بابًا، ثم إني رأيتُ أن أنظِمَ الكُلَّ في سِلْك واحد وآتي به على حروف المعجم، وأعول في ذكر الحرف على الصحيح فيه، لا على الخطأ، فذلك أسهل لطلب الكلمة.
وكتابى هذا مجموعُ من كتب العلماء بالعربية كالفَرَّاءِ، والأًصمعي
1 / 56
وأبي عُبَيْد، وأبي حاتم، وابن السِّكَّيت، وابن قُتَيْبة، وثعلب، وأبي هلال العسكري، ومن تبعهم من أئمة هذا العلم، وإنما لى فيه الترتيبُ والاختصارُ، وإن وجد لشيء مما نهيت عنه وجه فهو بعيد، أو كان لغة فهي مهجورة، وقد قال الفرَّاء: وكثيرُّ مما أنهاك عنه قد سمعتُه. ولو تجوزت لرخصت لك أن تقول: رأيتُ رجلان، ولقلت:
1 / 57
أردتَ عن تَقولَ ذلك. والله الموفق.
1 / 58
باب الألف
تقول: استهتِر فلان بكذا بضم التاء الأولى وكسر الثانية، على ما لم يسم فاعله. والعامة تفتح التاءين، وهو خطأ.
وتقول: "فلان أهلُ لكذا" قال الله تعالى: (هو أهلُ التَقْوَى وأهلُ المَغفِرةِ)
والعامة تقول: "مُستأهل لكذا" وهو غَلَط. إنما المستأهِلُ:
مُتَّخِذُ الإهالة، وهي ما يُؤْتَدَم به من السَّمْن والودَكِ.
وتقول: "فلان أعرابيُّ" إذا كانَ بَدويَا، و"أعجميُّ" إذا كان لا يفصح، وإن كان نازلا بالبادية.
والعامة لا تراعي هذا الشرط.
تقول: "هو الأُسكُفُّ" للذي تسميه العامة: الإسكاف.
أخبرنا ابن ناصر قال: أخبرنا أبو محمد بن السَّراج قال:
1 / 59
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، قال: أخبرنا أبو عمر
ابن حَيَّوَيه، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد، صاحب
ثعلب: قال: أخبرنا ثعلب عن ابن الأعرابي، قال: "العرب تقول هو
الأسكف، للذي تسميه العامة: الإسكَاف"، قال: "والإسكاف عند
العرب: كل صانع، لا من يعمل الخِفاف"
وتقول: "اشتكى فلانُ عينَه".
والعامة تقول: "اشتكت عينُه" وهو غلط، لأنه هو المشتكي،
لا العين.
وتقول: "أدلجَ الرجُل"، خفيفة، إذا سار أول الليل. و"ادَّلجَ"
بتشديد الدال، إذا سار في آخره. والعامة لا تفرِّق.
وتقول: "أشلتُ الشيء " أو "شُلتُ به" بضم الشين فتعدى بهمزة
1 / 60
النقل أو بالباء، تقول العرب: شالت الناقة بذنَبها، وأشالت ذَنَبها،
والشائل عندهم: هو المرتفع.
والعامة تقول: شُلت الشيء أشِلُه.
وتقول: "أشال الطائر ذُنَباه".
والعامة تغلط في هذه الكلمات الثلاث، في ثلاثة مواضع، يقولون:
شال الطير ذنبه.
وتقول: "أعلمتُ على الشيء".
والعامة تقول: "علّمت عليه".
وتقول: "أشْليتُ الكلبَ" إذا دعوتَه إليك،
والعامة تقول: "أشْليته" إذا حَرضتَه على الصيد، وأغريته
به. وذلك خطأ.
إنما تقول، إذا أردت ذلك: "آسَدْتُه على الصَّيد".
وتقول: "أضَجَّ القوم"، إذا صاحوا وجلَّبوا.
والعامة تقول: "ضَجوا"، وإنما يقال: ضَجُّوا، إذا جَزعوا.
1 / 61
وتقول: "آكلتُ فلانًا" إذا أكلتَ معه. والعامة تقول: "واكلته".
وتقول: "آجرته الدَّارَ والدابَّة". والعامة تقول: "واجرته".
وتقول: "آخذته بذنبه". وهو يقولون: "واخذته".
و"آسيته بنفسي". وهم يقولون: "واسيته".
و"ازيته" إذا حاذَيْته. وهو يقولون: "وازيته".
وتقول: "وأشرعتُ الرمحَ قبَلَ العَدُوّ" والعامة تقول: "شَرَعت".
وتقول: "أنا أفرَق منك". والعامة تقول: "أنا أفرقُك".
وتقول: "ما أملتُ فيك هذا". والعامة تقول: "ما ومَّلت" بالواو.
وتقول: "سألتك بالله إلَّا فعلتَ" بكسر الألف. والعامة تفتحها.
وتقول: "أحكَّني رأسي" أي ألجأني إلى الحك.
والعامة تسقط الألف فتجعل الرأس فاعلا.
وتقول: "أنا أحِس بكذا" بضم الألف وكسر الحاء. والعامة
تفتح الألف وتضم الحاء.
وتقول: "استخفيتُ من فلان".
والعامة تقول: "اختفيت منه" وإنما الاختفاء: الاستخراج، ومنه قيل للنّباش: مُخْتَف.
وتقول: "مشيتُ حتى أعييت".
1 / 62
والعامة تقول: عيَيت، فتسقط الألف وتكسر الياء، وإنما يقال: عيَيت،
فيما يلتبس عليك فلا تدري ما وجهُه.
وتقول: "منذ أسبوع ما رأيتك". والعامة تقول: "منذ سُبُوع" وإنما
السبوع: جمع سبُع، وسبْع من العدد
وتقول: "أفلتُّ من كذا". والعامة تقول: "انفلتَ".
وتقول: "صار فلان أحْدوثة". والعامة تقول: "حَدُّوثة".
وتقول: "أغلقت الباب فهو مُغلَق. وأقفلته فهو مُقفَل، وأثفَرت
الدابة فهو مثفر، وأعقدتُ العسلَ فهو مُعقَد، وأغليت الماء،
وأعفيت أعتفي".
والعامة تسقط الألف منهن.
وتقول: "في صدر فلان عليَّ إحنة" والعامة تقول: "حِتة".
وتقول: "فلان أطْروش" بضم الألف والعامة تفتحها.
على أن الطَّرش لم يسمع من العرب العرباء.
وتقول: "كتبت هذا الكتاب أوَّل يوم من شهر كذا، أو
1 / 63
غرة شهر كذا". والعوام تقول: كتبتُه مستهل شهر كذا، وذلك خطأ،
لأن اليوم لا يكون مُستَهلا، لأن الهلال يُرى في الليل.
وتقول في اليوم الثالثَ عشَر، والرابعَ عشَر، والخامس عشر:
"هذه أيام البيض; أي أيامُ الليالي البيض وسُمّيتْ (هذه) الليالي
بيضًا، لطلوع القمر من أولها إلى آخرها". والعامة تقول: "الأيام البيضُ"،
حتى إن بعض الفقهاء جرى في كتبه المصنَّفة على عادات العوام في ذلك،
وهو خطأ، لأن الأيام كُلَّها بيض.
وقرأت على شيخنا "أبي منصور اللغوي". قال: "العرب
تسمي كل ثلاث من ليالي الشهر باسم، فتقول: ثلاث "غرر". وغرة
كل شهر: أوله. وثلاث "نُفَلٌ"، لأنها زيادة على الغرر. وثلاث "تسع"،
لأن آخر أيامها التاسع. وثلاث "عشَر" لأن أول أيامها العاشر.
وثلاث "بيض"، لأنها تبيض بطلوع القمر من أولها إلى آخرها. وثلاث
"دُرَع" لاسوداد أوائلها وابيضاض سائرها. وثلاث "ظلَم"،
لإظلامها. وثلاث "حنادس"، لسوادها. وثلاث "دآدي"، لأنها بقايا.
وثلاث "محاق" لانمحاق القمر أو الشهر".
وتقول: "هو الأنْف"، بفتح الألف. والعامة تضمها.
"وهي الأسنان". بفتح الألف. والعامة تكسرها.
1 / 64
"وهذه الإبهام"; الإصبع المعروفة.
والعامة تقول: "البهام" قال الفراء: إنما البِهام جمع البَهْم، وجمه الإبهام: أباهِيم.
وتقول: "هو الإبْط"، بسكون الباء.
وقد يتفاصح بعض العامة فيقول: "الإبِط" بكسر الباء، ولم يأت في
الكلام شيء على "فِعِل" إلا: "إبِل"، و"إطِل" وهي الخاصرة،
و"حبر" وهي صَفْرَةَ الأسنان. وفي الصفات: "امرأة بِلِز"، وهي
السَّمينة، و"أتان إبِدَ" تلد كل عام.
و"إيلياء"، بيت المقدس، ممدود والعامة تقصره، وربما
شَدَّدَت الياء. وهي الأُبُلَّة بضم الألف. والعامة تفتحها.
"والأُرْدُن"، بضم الألف وتشديد النون. والعامة تفتح الألف
وتخفف النون.
1 / 65
و"إرْمينية"، بكسر الألف. والعامة تضمها.
و"أنطاكيَّة"، بتشديد الياء. والعامة تخففها.
وهي "الإرزَبَّة" التي تقول لها العامة: "مَرزبَّة".
وهذه "إوزَّة" بألف مكسورة. والعامة تسقط الألف.
وهي "انفَحة الجَدْي". والعامة تقول: منفَحة.
وهذه "أنبوبة" بضم الألف. والعامة تفتحها. وجمعها:
أنابيب. والعامة تقول: أنبايب وهو بناء منْكَر.
1 / 66
وهذه "إضبارة" من كتب. وهم يقولون: "ضُبارة".
وهذا الذي يخرز به: "الإشْفى" مقصور. وهم يقولون: "الشِفا".
وهي "الأرْجوحة"، للذي تسميه العامة "مَرجوحة".
وهي "أسكرَّجة" بضم الألف والكاف وفتح الراء، وهي أعجمية
معربة، معناها: مقرب الخل. والعامة تقول: "سُكَرَّجة" بإسقاط
الألف وفتح الكاف. قال شيخنا أبو منصور: وقد جاء بغير همزة،
فروى أنس عن النبي ﷺ أنه "ما أكل في سكرَّجة".
وتقول: "هذه النعجة الأولى لفلان"، ولا تقل: بـ "الأوَّلَة"، فإن هاء
التأنيث لا تدخل عل أوَّل.
وهي "ألْية الكَبْش" بفتح الألف. ومن العامة من يكسرها، ومنهم
من يقول: "لِيَّة" بغير ألف.
1 / 67
وهذا "رمان إمليسي" وهو أعجمي معرب. والعامة تقول: مَليسي
وهو "الأُتْرجُّ" و"الأتْرجة". والعامة تقول: "ترنْج" و"ترنْجة".
وهو "الإذخِر" بكسر الألف. والعامة تفتحها.
وهو "الإجاص". والعامة تقول: "إنْجاص".
وهذه "إجَّانة". وهم يقولون: "إنْجانة".
وهذه "أوقِية" بإلف مضمومة. والعامة تحذف الألف. فأما
جمعها فأواقيّ، بتشديد الياء كأماني. وبعض العرب تقول: "أواق"
بالتخفيف.
1 / 68
فأما العامة فتمد الألف، فتقول: "آواق" على وزن: أفعال، وذلك
إنما هو جمع أوق، وهو الثِقْل.
"والازاذ" وهو اسم أعجمي. بالذال المعجمة: ضرب من التمر.
والعامة تقول بالدال المهملة.
"والأبْريْسم" بفتح الهمزة والراء، ويجوز بكسر الهمزة وفتح الراء.
وهو اسم أعجمي كذلك، قرأته على شيخنا أبي منصور.
والعامة تفتح الهمزة وتكسر الراء.
وهو "الأثْل" بإسكان التاء. والعامة تفتحها.
وهي "الأسْطوانة" يضم الألف والطاء. والعامة تكسرها.
وهي "الإهليلَجة". والعامة تقول: "هَليلَجة".
وتقول: قد أحسنت الشيء. وهم يقولونَ: حَسَنته.
1 / 69
و"أريته" كذا أُريه. وهم يقولون: "أوْرَيته"، أُورِيه.
و"أمسكت كذا". وهم يقولون: مَسَكْته.
و"أصحّ الله بدنَك". وهم يحذفون الألف.
وتقول: "أعوزنِي كذا". وهم يقولون: عازني.
و"أباده الله وأخزاه". وهم يقولون: باده وخزاه.
و"قد أشبَهَ فلان أباه". وهم يقولون: شَبَه أباه.
و"كنَّا في إملاك فلان". وهم يقولون: مِلاك.
ونحن على "أوفاز" ووِفاز، الواحد: وَفْز، إذا لم تكن على
طمأنينة ولا تقل وفَاز، بفتح الواو، كما تقول العامة.
و"قد أروَحَت الجيفة". وهم يقولون: قد راحت.
وتقول: "أصْحت السماء"، فهي "مُصْحية".
1 / 70