तंज़ीह अन्बिया
تنزيه الأنبياء
والحياة فأي فائدة في الدعاء وهو قد علم لما رآها تتألف أعضاؤها من بعد وتتركب أنها قد عادت إلى حال الحياة فلا معنى في الدعاء إلا أن يكون متناولا لها وهي متفرقة قلنا للدعاء فائدة بينة لأنه لا يتحقق من بعد رجوع الحياة إلى الطيور وإن شاهدها متألفة وإنما يتحقق ذلك بأن تسعى إليه وتقرب منه مسألة فإن قيل فما معنى قوله تعالى وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه وكيف يجوز أن يستغفر لكافر أو أن يعده بالاستغفار الجواب قلنا معنى هذه الآية أن أباه كان وعده بأن يؤمن وأظهر له الإيمان على سبيل النفاق حتى ظن به الخير فاستغفر له الله تعالى على هذا الظن فلما تبين له أنه مقيم على كفره رجع عن الاستغفار له و تبرأ منه على ما نطق به القرآن فكيف يجوز أن يجعل ذلك ذنبا لإبراهيم (ع) وقد عذره الله تعالى في قوله إن استغفاره إنما كان لأجل الموعدة وإنه تبرأ منه لما تبين له المقام على عداوة الله تعالى فإن قيل إن لم تكن هذه الآية دالة على إضافة الذنب إليه فالآية في سورة الممتحنة تدل على ذلك لأنه تعالى قال قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك فأمر بالتأسي به إلا في هذا الفعل وبهذا يقتضي أنه قبيح قلنا ليس يجب ما ذكر في السؤال بل وجه استثناء استغفار إبراهيم (ع) لأبيه من جملة ما أمر الله تعالى بالتأسي به فيه أنه لو أطلق الكلام لأوهم الأمر بالتأسي به في ظاهر الاستغفار من غير علم بوجهه والموعدة السابقة من أبيه له بالإيمان وأدى ذلك إلى حسن الاستغفار للكفار فاستثنى الاستغفار من جملة الكلام لهذا الوجه ولأنه لم يكن ما أظهره أبوه من الإيمان ووعده معلوما لكل أحد فيزول الإشكال في أنه استغفر لكافر
पृष्ठ 33