तंज़ीह अन्बिया
تنزيه الأنبياء
وإنما أراد انظري إليها لتعرفي الوقت ومنها أنه يجوز أن يكون الله تعالى أعلمه بالوحي أنه سيمتحنه بالمرض في وقت مستقبل وإن لم يكن قد جرت بذلك المرض عادته وجعل تعالى العلامة على ذلك ظاهرة له من قبل النجوم إما بطلوع نجم على وجه مخصوص أو أفول نجم على وجه مخصوص أو اقترانه بآخر على وجه مخصوص فلما نظر إبراهيم (ع) في الأمارة التي نصبت له من النجوم قال إني سقيم تصديقا بما خبره الله تعالى ومنها ما قاله قوم في ذلك من أن من كان آخر أمره الموت فهو سقيم وهذا حسن لأن تشبيه الحياة المفضية إلى الموت بالسقم من أحسن التشبيه ومنها أن يكون قوله إني سقيم معناه أني سقيم القلب أو الرأي خوفا من إصرار قومه على عبادة الأصنام وهي لا تسمع ولا تبصر ويكون قوله فنظر نظرة في النجوم على هذا المعنى معناه أنه نظر وفكر في أنها محدثة مدبرة مصرفة مخلوقة وعجب كيف يذهب على العقلاء ذلك من حالها حتى يعبدوها ويجوز أيضا أن يكون قوله تعالى فنظر نظرة في النجوم معناه أنه شخص ببصره إلى السماء كما يفعل المفكر المتأمل فإنه ربما أطرق إلى الأرض وربما نظر إلى السماء استعانة على فكره وقد قيل إن النجوم هاهنا هي نجوم النبت لأنه يقال لكل ما خرج من الأرض وغيرها وطلع إنه ناجم وقد نجم ويقال للجميع نجوم ويقولون نجم قرن الظبي ونجم ثدي المرأة وعلى هذا الوجه يكون إنما نظر في حال الفكر والإطراق إلى الأرض فرأى ما نجم فيها وقيل أيضا إنه أراد بالنجوم ما نجم له من رأيه وظهر له بعد إن لم يكن ظاهرا وهذا وإن كان يحتمله الكلام فالظاهر بخلافه لأن الإطلاق من قوله القائل نجوم لا يفهم من ظاهره إلا نجوم السماء دون نجوم الأرض ونجوم الرأي وليس كلما قيل فيه إنه نجم فهو ناجم به على الحقيقة أن يقال فيه نجوم بالإطلاق والمرجع في هذا إلى
पृष्ठ 26