तंज़ीह अन्बिया
تنزيه الأنبياء
الغيب بأنه نفس قلنا لا يمتنع أن يكون الوجه في ذلك أن نفس الإنسان لما كانت خفية الموضع الذي يودعه سرها أنزل ما يكتمه ويجهد في سره منزلتها فقيل فيه إنه نفس مبالغة في وصفه بالكتمان والخفاء وإنما حسن أن يقول مخبرا عن نبيه (ع) وأعلم ما في نفسك من حيث تقدم قوله تعلم ما في نفسي ليزدوج الكلام فلهذا لا يحسن ابتداء أن يقول أنا لا أعلم ما في نفس الله تعالى وإن حسن على الوجه الأول ولهذا نظائر في الكلام مشهورة مسألة فإن قيل فما معنى قوله تعالى حاكيا عن عيسى (ع) إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم وكيف يجوز هذا القول مع علمه (ع) بأنه تعالى لا يغفر للكفار الجواب قلنا المعنى بهذا الكلام تفويض الأمر إلى ملكه وتسليمه إلى مدبره والتبري من أن يكون إليه شيء من أمور قومه وعلى هذا يقول أحدنا إذا أراد أن يتبرأ من تدبير أمر من الأمور ويسلم منه ويفوض أمره إلى غيره هذا الأمر لا مدخل لي فيه فإن شئت أن تفعله وإن شئت أن تتركه مع علمه وقطعه على أن أحد الأمرين لا بد أن يكون منه وإنما حسن منه ذلك لما أخرج كلامه مخرج التفويض والتسليم و# قد روي عن الحسن أنه قال : معنى الآية أن تعذبهم فبإقامتهم على كفرهم وإن تغفر لهم فبتوبة كانت منهم فكأنه اشترط التوبة وإن لم يكن الشرط ظاهرا في الكلام
فإن قيل فلم لم يقل وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم فهو أليق بالكلام ومعناه من العزيز الحكيم قلنا هذا سؤال من لم يعرف معنى الآية لأن الكلام لم يخرج مخرج مسألة فيليق بما ذكر في السؤال وإنما ورد على معنى تسليم الأمر إلى مالكه فلو قيل فإنك أنت الغفور الرحيم لأوهم الدعاء لهم بالمغفرة ولم يقصد ذلك بالكلام على أن قوله العزيز الحكيم أبلغ في المعنى وأشد استيفاء له من الغفور الرحيم وذلك لأن الغفران والرحمة قد يكونان حكمة وصوابا
पृष्ठ 104