74

الدائم والحياة الدائمة. وهذا هو القول بالطبع (1) فإنه لا يخلو أن تفعل الشجرة ذلك باختيارها أو توجبه بنفسه ، ومحال أن تفعل باختيارها فإنها جماد ، ولو قدرت حيا لم يصح فعلها في غيرها ، فإن القدرة الحادثة لا تتعلق بما خرج عن محلها ، فلم يبق إلا الطبع ، والقول به كفر ، فمن قال إنه أكلها قاصدا لما ذكرناه ، ألزم اعتقاد وقوع هذه الجهالات كلها من آدم عليه السلام وهي لا تجوز عليه ، فإنها تؤدي إلى الكفر الصراح.

ومعلوم من دين الأمة أنه ما كفر نبي قط ، ولا جهل الله تعالى ، ولا سجد لوثن ، ولا أخبر تعالى عن واحد منهم بالكفر ، ولا بما دون الكفر من المعاصي قبل النبوة وبعدها ، سوى قصة آدم عليه السلام ، فمن قال بسوى هذا فعليه الدليل ، ولا دليل!.

** فإن قيل :

تعالى لا بالطبع والإيجاب!.

** قلنا :

سبب الخروج ، فلو اعتقد الخلود فيها إذا أكل من الشجرة بقول الشيطان لكان مكذبا للخبر السابق من الله تعالى ، وهو الذي فرغنا من استحالته عليه. فلم يبق إلا أنه أكل منها ناسيا ، فإنه إذا لم يصح العمد لم يبق إلا النسيان ، على أنا لو قدرنا وقوع هذه القبائح من أدنى عاقل مؤمن من البله منا لم يصح ، فكيف يصح ممن خلقه الله تعالى بيده ، وأسجد له ملائكته ، وجعله قبلة لهم ، وعلمه الأسماء كلها ، وجعله معلما لهم ، كلمه بلا ترجمان على جهة الإكرام والإعلام والنصيحة؟! جاء في الصحيح عن أبي هريرة رضياللهعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (2): آدم نبي مكلم ، يعني بغير

قال ابن عطية : وقد تأول بعض الناس أن تكليم آدم كان في الجنة. فعلى هذا تبقى خاصية موسى.

و: (من كلم) أي : من كلمه الله.

पृष्ठ 84