وإن وجد دلائل حكمين يدل كل منهما على حكم ذلك الرأي وتلك الحادثة ، ويكون دليل كل منهما الآخر بالشبه والقياس جاز ذلك الرأيان في ذلك ، أو في تلك الحادثة ، وكنت قد رأيت الحق في ذلك الرأي ، أو في تلك الحادثة من نفسك ، وإن وجدت كذلك فيه دلائل أكثر من حكمين فكذلك ، وأي رأي رأيته أقرب شبها ، وألزم قياسا إلى دلالات حكم من تلك الدلالات فهو الأعدل في حقك وفي حق من رأى كذلك ، لا في حق من رأى أن الأعدل خلاف ذلك حتى ترى الاعدل أيضا بعد ذلك خلافه [33/ج] فيكون في حقك في العمل به في ذلك الحين هو الأعدل ، وهو الألزم أن تعمل به ، ومعي أنه يجوز الترخص في العمل بالأهزل إن راءه حقا بما ذكرناه من الدلالات فيما بينه وبين الله تعالى ، وفيما بينه وبين إخوانه على التراضي بالواسع أو كان هو الأزهد.
وإن[39/ب] قيل بخلاف هذا أنه لا يجوز أن يعمل بالأهزل من رأي الأعدل على الإطلاق ، فإنه لا على الإطلاق فيما رآه حقا ، وفيما ذكرناه إلا في الحكم بين (¬1) الخصماء في الحقوق، أو ينزل هو منزلة الحاكم فيما بينه وبين خصمه في الحقوق فيما يرى الأعدل فيما عليه أنه عليه هو الأعدل ، أو فيما له على خصمه فلا يحكم بين الخصماء إلا بما يراه أنه هو الأعدل فيما يجوز فيه الرأي .
وأما القسم الثاني : الديني الذي لا يجوز فيه الاختلاف ، فلا يجوز خلافه على وجه لا يسع، وهذا شروع الابتداء في إيضاح قواعد ، وأصول ، وأقسام علم الهدى إلى الله تعالى ، وقولنا الهدى إلى الله ولم نقل هدي ، لأن معنى الهدي إلى الله هو أداء الطاعة إليه بالسلوك إليه بهداه أي بنور علمه الذي كلف عباده المتعبدين العمل به ، وأما معنى هدى الله فيحتمل معنيين أحدهما:
¬__________
(¬1) سقط في أ.
पृष्ठ 67