والقول هنا في الشك إن الشك ليس بحكم يوجب التضليل به ، ولا يوجب ترك الوضوء من إناء فيه ماء للصلاة ، كمن رأى وليا له يأكل شيئا في الحضر في نهار شهر رمضان فشك أنه ناسيا أو عامدا فليس له أن يقف عن ولايته يحتمل له أنه ناس ، وإن رآه يقاتل رجلا وقتله وشك في أيهما المبتدى فهو على ولايته ، وإن رآه ابتدأ بقتل رجل وقتله فقيل له أن يتولاه لاحتماله أن له فيه دم إذا كان في حاله يحتمل له ذلك[31/ب] لشكه ، وقيل له أن يقف عنده ، وقيل له أن يبرأ منه وبراءته منه لا من حيث شك فيه أنه مبطل أم لا ، بل لابتدائه بقتله ففي ظاهر الحكم هو المبطل ووقوفه لشكه بالاحتمال وكذلك ولايته .
وليس الخوارج في ظاهر الحكم مبطلين ، ويحتمل أن يكون في الباطن محقين ، بل شكه فيهم يشبه شكه في الماء الذي ذكرناه ، وفي الأكل في شهر رمضان ، [وشكه] (¬1) في المبتدئ من المتقاتلين ليس له حكم ظاهر في بطلانه إلا الأكل ، ولا يجوز له إلا على النسيان على الوجه الجائز له لقوله (¬2) صلى الله عليه وسلم : "لو كان بينك وبين أخيك مثل ستر العنكبوت فلا تهتكه" (¬3) .
والثلاثة الباقون قامت عليهم الحجة بمشاهدة عقله أنهم ضالون ، فحينئذ يكون قد عرف الفرقة المحقة التي لم يصح معه ضلالهم في شيء البتة ، ويعلم أن رفيعتهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [27/ج] مما لا تقوم بمعرفته وصحته إلا بالسماع ، وإن جميع أهل الضلال لا يكونون حجة في رفع الروايات التي لا تقوم الحجة بمعرفتها وصحتها إلا بالسماع ، ويلزمه موافقتهم في الحق، وولاية المحق التقي الولي منهم على براءتهم من المذكورين ، ولا يلزمه على الشك في حكم علي البراءة منه ، ولا عثمان إن جهل الحكم فيهما أو تولاهما أو أحدهما برأي[32/ب] لا بدين كان سالما.
¬__________
(¬1) سقط في ب.
(¬2) في ب لقول النبي.
(¬3) لم نستطع تخريجه .
पृष्ठ 61