واقتضيتَ شيئًا مما يطول به الكتاب للتكرار الذي يقع فيه عند الإجابة عنه؛ وأنا أجيبك عما سألتَ عنه سالكًا فيه طريق الإنصاف، وتاركًا سبيل الضاد، متخلصًا من ركوب المصيب، والركون إلى الفساد واللّجاج وحميّة الجاهلية إن شاء الله.
بسم الله: أما ما دفعتُه من رواية من روى أن أبجد وهوّز وحطي وما بعدها أسماء رجال وضعوا الكتابة العربية فلازم من جهات كثيرة؛ إحداها: أن هذه الكلمات الواقعة على حروف الهجاء أعني أبجد وأخواتها، لم تزل مستعملةٌ على وجه الدهر عند كل أمة وجيل من سكان الشرق والغرب ومتداولة في الأعداد النجومية خاصةً، وبعدُ فهي عند السريانية الأصل الذي يُتعلم منه الهجاء، وقد بقي استعمال ذلك عن الإسرائيليين من اليهود، والنصارى يدرسونه الصبيان في الكنائس فيقولون عند تعليمهم هجاء العبرانية الف، با، كمل، دال ....
ثم يتبعونه بما يجئ بعده من قولهم: هوز، حطي ... على حكاية لغتهم، وهذا الذي عرَّبه عرب الإسلام، فقالوا (أبجد) مكان: ألف، با، كمل، دال.
وقال ابن دريد: في حروف الهجاء العربي حرفان لا يجريان إلا على لسان العرب ولا يوجدان في لغات سائر الأمم وهما الظاء والحاء فخالفه بعض من كان يناوئه وقال الحاء موجودة في لغات ثلاث من الأمم؛ السريانية والعبرانية والحبشية.
1 / 16