فقال له الأعرابي: أشهد لي على نفسك بذلك فأشهد له على نفسه جماعة من الصحابة الذين كانوا معه في الغزاة، منهم عمر بن الخطاب، فقال: ما كنت لأشهد على رجل لا مال له، يدان في مال أبيه. فقال الأعرابي: ما كان سعد ليخني بابنه في سقة من تمر، وهو يطعم الناس الطعام، ويقري الضيف ويحمل النوائب. فذبح قيس منها للمسلمين ثلاث جزائر، ثم منعه أميره أبو عبيدة عن نحر الباقيتين بإشارة عمر بن الخطاب على أبي عبيدة، وقال: هذا لا مال له، ولعل أباه لا يقضي عنه، فيضيع مال الأعرابي، فلأجل ذا منعه من نحر ما بقي.
وبلغ سعدا بالمدينة ما لحق المسلمين في تلك الغزاة من الجوع والجهد، فقال: إن يكن ظني صادقا فيسخر لهم قيس. فلما قدم قيس مع أبي عبيدة قال له أبوه سعد: يا قيس! ما فعلت فيما لحق المسلمين من الجهد؟. . . قال: نحرت. قال: أحسنت. قال: ثم ماذا فعلت؟ قال: نحرت. قال: أحسنت. قال: ثم ماذا فعلت؟ قال: نحرت قال: أحسنت، ثم قال: ماذا فعلت؟ قال: منعني أميري وقال: لا مال لك فأشهد له أبوه يومئذ حديقة كثيرة النخل، ثم أعطى الأعرابي ما كان له من
पृष्ठ 186