ما تقدم من حكم الماء يحله [شيء] (1) طاهر. وإن كان نقي الأعضاء من الأوساخ والنجاسة ففي المذهب ثلاثة أقوال: المشهور: أنه طاهر مطهر يكره استعماله مع وجود غيره للخلاف فيه، والثاني: أنه طاهر غير مطهر، وعلل بثلاثة أوجه؛ أحدها: أنه لا يسلم من الأوساخ تحل (2) فيه وإن قلت فتضيفه (3)، والوجه الثاني: أنه ماء أتلف (4) قواه في عبادة فلا تعاد به عبادة أخرى، كالعبد يعتق في عبادة فلا يصح عتقه (5) لأخرى. ولا يلزم على هذا في الثوب [ألا يصلي] (6) به، فإنا قد قلنا نفدت قواه في عبادة والثوب إنما المراد منه ستر [العورة] (7)، فحكمه في ذلك باق (8)، والوجه الثالث: أن الأولين لم يذكر عن واحد منهم أنه جمع ما سقط عن أعضائه من الماء ثم استعمله مع كونهم بالحجاز والماء يعوز (9) فيها. وافتقارهم إلى الوضوء والطهارة الكبرى، وتركهم ذلك يشعر بأن هذا الماء لا يجوز استعماله مرة أخرى.
والقول الثالث بأنه مشكوك في حكمه وتطهيره (10)، فيجمع بينه وبين التيمم ويصلي صلاة واحدة، وهذا لتعارض الأدلة؛ إذ القياس الجلي يقتضي بقاءه على أصله، وما ذكرناه من الثلاثة الأوجه يقتضي كونه غير مطهر، فلما تعارض ذلك حكم بالشك في تطهيره.
...
पृष्ठ 227