فَقَالَ لي احفظ عني النَّاس ثَلَاثَة رجل حَافظ متقن فَهَذَا لَا يخْتَلف فِيهِ وَآخر يهم وَالْغَالِب على حَدِيثه الصِّحَّة فَهُوَ لَا يتْرك وَلَو ترك حَدِيث مثل هَذَا لذهب حَدِيث النَّاس وَآخر الْغَالِب على حَدِيثه الْوَهم فَهَذَا يتْرك حَدِيثه
سَمِعت أَبَا الْحُسَيْن مُسلم بن الْحجَّاج يَقُول وَقد ذكرنَا من مَذَاهِب أهل الْعلم وأقاويلهم فِي دَرَجَات الْحفاظ من وعاة الْعلم ونقال الاخبار وَالسّنَن والْآثَار مَا يسْتَدلّ بِهِ ذُو اللب على تفَاوت أَحْوَالهم ومنازلهم فِي الْحِفْظ وبأسبابه فَيعلم أَن مِنْهُم المتوقي المتقن لما حصل من علم وَمَا أدّى مِنْهُ الى غَيره وان مِنْهُم من هُوَ دونه فِي رداءة الْحِفْظ والتساهل فِيهِ وان مِنْهُم المتوهم فِيهِ غير المتقن فَهَذَا كَمَا يجب حَامِلا حِين يحمل أَو حاكيا حِين يَحْكِي
وَقد اشْترط النَّبِي ﷺ على سامع حَدِيثه ومبلغه حِين دَعَا لَهُ أَن يعيه ويحفظ ثمَّ يُؤَدِّيه كَمَا سَمعه فالمؤدي لذَلِك بالتوهم غير الْمُتَيَقن مؤد على خلاف مَا شَرط النَّبِي ﷺ وَغير دَاخل فِي جزيل مَا يُرْجَى من اجابة دَعوته عَلَيْهِ وَالله أعلم
فان كَانَ الْمُؤَدِّي جَاءَ بِخَبَر عَن الرَّسُول ﷺ بالتوهم قد أَزَال معنى الْخَبَر بتوهمه عَن الْجِهَة الَّتِي قَالَه بِنُقْصَان فِيهِ أَو زِيَادَة حَتَّى يصير قَائِلا على رَسُول الله ﷺ كمن لَا يعلم لم يُؤمن عَلَيْهِ الدُّخُول فِيمَا صَحَّ بِهِ الْخَبَر عَن رَسُول الله ﷺ فِي قَوْله من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار لَان عَلَيْهِ أَن يعلم أَن عمد التَّوَهُّم فِي نقل خبر النَّبِي ﷺ محرم فاذا علم ذَلِك ثمَّ لم يتحاش من فعله فقد دخل فِي بَاب تعمد الْكَذِب فان كَانَ لم يعلم تَحْرِيم ذَلِك فَهُوَ جَاهِل لما يجب عَلَيْهِ وَالْوَاجِب عَلَيْهِ تعلم تَحْرِيمه والانزجار عَن فعله
1 / 179