तम्हीद तारीख फलसफा इस्लामिय्या
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
शैलियों
أما ابن سينا عنده: «فمموه مسفسط، كثير الطنطنة، قليل الفائدة، وما له من التآليف لا يصلح لشيء، ويزعم أنه أدرك الفلسفة المشرقية، ولو أدركها لتضوع ريحها عليه، وهو في العين الحمئة، وأكثر كتبه مؤلفة ومستنبطة من كتب أفلاطون، وما فيها من عنده فشيء لا يصلح، وكلامه لا يعول عليه، و«الشفاء» أجل كتبه، وهو كثير التخبط ومخالف للحكيم، وإن كان خلافه له مما يشكر له، فإنه بين ما كتبه الحكيم، وأحسن ما له في الإلهيات «التنبيهات والإشارات»، وما رمزه في حي ابن يقظان، على أن جميع ما ذكره فيها هو من مفهوم «النواميس» لأفلاطون وكلام الصوفية.»
والواقع أن افتتان الجمهرة من متفلسفة الإسلام بأرسطو وبالمشائين وغيرهم من حكماء اليونان كان أمرا غير خفي.
وفي كلام ابن سبعين نفسه بوادر تنم عن شيء من هذا، ألست تراه يعتبر الفارابي هو الفيلسوف لا غيره؛ لأنه أفهم فلاسفة الإسلام، وأذكرهم للعلوم القديمة، وهو يريد علوم الفلسفة المترجمة عن يونان؟ ثم ألست تراه يلمز ابن سينا لمخالفته للحكيم - أي أرسطو - ويعود فيرى في ذلك موضعا للشكر لأن فيه تبينا لآراء المعلم الأول؟ (2-2) الخطأ والتحريف في تعريب الكتب الفلسفية
ولم يغفل المؤلفون الإسلاميون التنبيه إلى ما وقع من الخطأ والتحريف في ترجمة الكتب الفلسفية، ونقلها إلى العربية.
قال أبو حيان التوحيدي المتوفى سنة 400ه/1009م في «المقايسات»: «... على أن الترجمة من لغة يونان إلى العبرانية ومن العبرانية إلى السريانية، ومن السريانية إلى العربية، قد أخلت بخواص المعاني في أبدان الحقائق إخلالا لا يخفى على أحد، ولو كانت معاني يونان تهجس في أنفس العرب مع بيانها الرائع، وتصرفها الواسع، وافتنانها المعجز، وسعتها المشهورة، لكانت الحكمة تصل إلينا صافية بلا شوب، وكاملة بلا نقص، ولو كنا نفقه عن الأوائل أغراضهم بلغتهم، كان ذلك أيضا ناقعا للغليل، وناهجا للسبيل، ومبلغا إلى الحد المطلوب.»
30
ويقول الغزالي المتوفى سنة 505ه/1111م في كتابه «تهافت الفلاسفة»: «ثم المترجمون لكلام أرسطاليس لم ينفك كلامهم عن تحريف وتبديل محوج إلى تفسير وتأويل، حتى أثار ذلك أيضا نزاعا بينهم، وأقومهم بالنقل والتحقيق من المتفلسفة في الإسلام الفارابي أبو نصر وابن سينا، فنقتصر على إبطال ما اختاروه ورأوه الصحيح من مذهب رؤسائهم في الضلال، فإن ما هجروه واستنكفوا (5) من المتابعة فيه لا يتمارى في اختلاله، ولا يفتقر إلى نظر طويل في إبطاله .»
31 (3) وفي كتاب «إخبار العلماء بأخبار الحكماء» «وكل من نقل كلامه - أرسطوطاليس - من اليونانية إلى الرومية وإلى السريانية وإلى الفارسية وإلى العربية حرف وجزف، وظن بنقله الإنصاف وما أنصف، وأقرب الجماعة حالا في تفهيم مقاصده في كلامه الفارابي أبو نصر وابن سينا، فإنهما دققا وحققا؛ فحملا علمه على الوجه المقصود، وأعذبا منه لوارده منهله المورود، ووافقاه على شيء من أصوله، فكفرا بكفره، وجعل قدرهما بين أهل الشهادة كقدره.»
32 (3-1) رأي ابن سينا
وقد بين ابن سينا في مقدمة كتابه «منطق المشرقيين» تحكم أرسطو والمشائين في عقول المتفلسفة الإسلامية، وكشف عن فلسفته هو وموقفها فقال: «وبعد؛ فقد نزعت الهمة بنا إلى أن نجمع كلاما فيما اختلف أهل البحث فيه، لا نلتفت فيه لفت عصبية أو هوى أو عادة أو إلف، ولا نبالي مفارقة تظهر منا لما ألفه متعلمو كتب اليونانيين إلفا عن غفلة وقلة فهم، ولما سمع منا في كتب ألفناها للعاميين من المتفلسفة، المشغوفين بالمشائين، الظانين أن الله لم يهد إلا إياهم، ولم ينل رحمته سواهم، مع اعتراف منا بفضل أفضل سلهم (يريد به أرسطو) في تنبهه لما نام عنه ذووه وأستاذوه. وفي تمييزه أقسام العلوم بعضها عن بعض. وفي ترتيبه العلوم خيرا مما رتبوه. وفي إدراكه الحق في كثير من الأشياء. وفي تفطنه لأصول صحيحة سرية في أكثر العلوم. وفي إطلاعه الناس على ما بينها فيه السلف وأهل بلاده، وهذا أقصى ما يقدر عليه إنسان يكون أول من مد يديه إلى تمييز مخلوط وتهذيب مفسد، ويحق على من بعده أن يلموا شعثه، ويرموا ثلما يجدونه فيما بناه، ويفرعوا أصولا أعطاها، فما قدر من بعده على أن يفرغ نفسه من عهدة ما ورثه منه، فذهب عمره في تفهم ما أحسن فيه، والتعصب لبعض ما فرط من تقصيره؛ فهو مشغول عمره بما سلف، ليس له مهلة يراجع فيها عقله ولو وجدها ما استحل أن يضع ما قاله الأولون موضع المفتقر إلى مزيد عليه، أو إصلاح له أو تنقيح إياه، وأما نحن فسهل علينا التفهم لما قالوه أول ما اشتغلنا به، ولا يبعد أن يكون قد وقع إلينا من غير جهة اليونانيين علوم.
अज्ञात पृष्ठ