तम्हीद तारीख फलसफा इस्लामिय्या
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
शैलियों
ولئن كان حماد بن أبي سليمان الكوفي المتوفى سنة 120ه/738م هو أول من جمع حوله طائفة من التلاميذ يعلمهم الفقه مع ميل غالب للرأي، وكان أبو حنيفة من هؤلاء التلاميذ - كما في مقال جولدزيهر - فإن حمادا لم يترك أثرا علميا مكتوبا.
أما أبو حنيفة فيقول صاحب «الفهرست»: «وله من الكتب كتاب «الفقه الأكبر»، وكتاب «رسالة إلى البستي» (أبو سليمان أحمد بن محمد الخطابي)، وكتاب «العالم والمتعلم» رواه عنه مقاتل، وكتاب «الرد على القدرية »، والعلم، برا وبحرا وشرقا وغربا بعدا وقربا، تدوينه، رضي الله عنه.»
152
وفي كتاب «أصول» فخر الإسلام البزدوي:«وقد صنف أبو حنيفة - رضي الله عنه - في ذلك - أي في علم التوحيد والصفات - كتاب «الفقه الأكبر»، وذكر فيه إثبات الصفات، وإثبات تقدير الخير والشر من الله، وأن ذلك كله بمشيئته، وأثبت الاستطاعة مع الفعل، وأن أفعال العباد مخلوقة بخلق الله - تعالى - إياها كلها، ورد القول بالأصلح، وصنف كتاب «العالم والمتعلم» وكتاب «الرسالة»، وقال فيه لا يكفر أحد بذنب ولا يخرج به من الإيمان ويترحم عليه.»
153
ويذكر الموفق بن أحمد المكي الحنفي في كتابه «مناقب الإمام الأعظم» أثر أبي حنيفة في الفقه بقوله: «وأبو حنيفة أول من دون علم هذه الشريعة، لم يسبقه أحد ممن قبله؛ لأن الصحابة والتابعين لم يضعوا في الشريعة أبوابا مبوبة ولا كتبا مرتبة، إنما كانوا يعتمدون على قوة فهمهم، وجعلوا قلوبهم صناديق علمهم، فنشأ أبو حنيفة بعدهم، فرأى العلم منتشرا فخاف عليه الخلف السوء أن يضيعوه؛ ولهذا قال النبي
صلى الله عليه وسلم : «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، وإنما ينتزعه بموت العلماء، فيبقى رؤساء جهال، فيفتون بغير علم، فيضلون ويضلون».»
154
فلذلك دونه أبو حنيفة، فجعله أبوابا مبوبة، وكتبا مرتبة، فبدأ بالطهارة، ثم بالصلاة، ثم بسائر العبادات على الولاء، ثم بالمعاملات، ثم ختم بكتاب المواريث، وإنما ابتدأ بالطهارة ثم بالصلاة؛ لأن المكلف بعد صحة الاعتقاد أول ما يخاطب بالصلوات؛ لأنها أخص العبادات وأعم وجوبا، وأخر المعاملات لأن الأصل عدمها وبراءة الذمة منها، وختم بالوصايا والمواريث؛ لأنها آخر أحوال الإنسان، فما أحسن ما ابتدأ به وختم! وما أحذق وأفهم وأفقه وأمهر وأعلم وأبصر!
ثم جاء الأئمة من بعده فاقتبسوا من علمه واقتدوا به، وقرنوا كتبهم على كتبه؛ ولهذا روينا بإسناد حسن عن الشافعي - رحمه الله - أنه قال في حديث طويل: العلماء عيال على أبي حنيفة في الفقه، وروي عن ابن سريح أنه سمع رجلا يتكلم في أبي حنيفة فقال له: يا هذا، مه، فإن ثلاثة أرباع العلم مسلمة له بالإجماع، والرابع لا يسلمه لهم. قال: وكيف ذلك؟ قال: لأن العلم سؤال وجواب، وهو أول من وضع الأسئلة، فهذا نصف العلم، ثم أجاب عنها، فقال بعض: أصاب، وبعض: أخطأ، فإذا جعلنا صوابه بخطائه صار له نصف النصف الثاني، والربع الرابع ينازعهم فيه ولا يسلمه لهم ...
अज्ञात पृष्ठ