ومسيس حاجة المكلفين إليه، وإقبال الخلق عليه، وعناية الله تعالى به خاصة، حتى رفع قدر حامليه على غيرهم من العلماء، وجعلهم ورثة الأنبياء، وفضل مدادهم على دماء الشهداء، ورجح منامهم على قيام الجهلاء، ونظم جليسهم في سلك السعداء.
فوجب لذلك مزيد الاهتمام بصرف الهمة إليه، وبذل الوسع في تحقيق مطالبه، وما يتوقف عليه.
و(لما) (1) كان أعظم مقدماته علم أصوله وعلم العربية إذ الأول قاعدته ودليله، والثاني مسلكه وسبيله، وغيرهما من العلوم إما غير متوقف عليه كعلم الكلام، إلا ما لا بد منه في تحقق الإيمان؛ (2) أو يتوقف عليه (دونهما) (3) ومعه يكفي الرجوع فيه إلى الأصول المصححة في ذلك الشأن، كالحديث وأصوله، واللغة ونحوها من المقدمات المقررة (4) في مواضع تليق بها من المصنفات، فلا جرم رتبنا هذا الكتاب- الذي قد استخرنا الله تعالى على جمعه وترتيبه- على قسمين:
أحدهما: في تحقيق القواعد الأصولية، وتفريع ما يلزمها من الأحكام الفرعية.
والثاني: في تقرير المطالب العربية، وترتيب ما يناسبها من الفروع الشرعية.
واخترنا من كل قسم منهما مائة قاعدة متفرقة من أبوابه، مضافة إلى مقدمات وفوائد ومسائل يتم بها المقصود من غرضنا به، ليكون ذلك عونا
पृष्ठ 24