============================================================
التسهيد شح معالم العدل والترحيد الشبهة الأولى قوهم: إن العظام التي صارت رميمة كيف يمكن أن تصير حية؟ وهو المراد بقوله تعالى: (قال من يخيي العظام وهي رميم) (1). ثم لما حكى شبهتهم أجاب عنها بقوله: (قل ثخييها الذي أنشأها أول مرة)(2). وهذا هو الذي عليه تعويل المتكلمين من أن الإعادة مثل الايجاد، وحكم الشيء حكم مثله، فلما كان قادرا على الايجاد كان قادرا على الإعادة.
الشبهة الثانية لنفاة الحشر، وهي أن العظام والأبدان إذا صارت رميمة اختلطت الأجزاء بعضها ببعض، فحينئذ لا يمكن تمييز أجزاء بدن عن أجزاء بدن آخر. وأجاب عنها بقوله: (وهو بكل خلق عليم). ومعناه أن الله تعالى لما كان عالما بكل المعلومات أمكنه تميز أجزاء كل بدن لكل حيوان عن أجزاء بدن الحيوان الآخر، وإن ذلك إنما يتعذر على من لم يكن عالما بكل المعلومات.
الشبهة الثالثة لمنكري المعاد، وهي مشهورة وهي أن القول بالقيامة على ما جاء به الأنبياء ونطقت به الشريعة محال؛ لأن ذلك يتضمن إعدام هذا العالم الذي نحن فيه وايجاد عالم آخر، وذلك باطل لأصول كثيرة مقررة في كتبهم. وأجاب الله سبحانه عن هذه الشبهة بأن يتسلم من المنكر كونه خالقا هذه السماوات والأرض، ومتى سلم الخصم ذلك لزمه كونه سبحانه قادرا على إعدامها؛ لأن ما صح عليه العدم في وقت صح عليه العدم في كل الأوقات، ويلزمه أيضا تسليم كونه قادرا على إيجاد عالم آخر؛ لأن القادر على الشيء قادر على مثله لا محالة، فظهر بما أشرنا إليه أنه سبحانه جمع في هذه الآيات بين الدليل على إثبات المعاد وبين إيراد شبههم ثم سرد الجواب عليه على أبلغ شيء وأحسنه.
سورة يس: آية 78.
2- سورة يس: آية 79.
पृष्ठ 57