============================================================
الشهيد شح معالم العدل والنوحيد فطلب منها الجزاء على كونه ناظرا، ولو كان النظر هو رؤيته لها لكان قد طلب الجزاء على منفعته ولذته وحصول غرضه.
فهذه الأمور العشرة كلها دالة على أن لفظة النظر غير محتملة للرؤية ولا تفيدها في حالة من حالات إطلاقها. لا يقال: لم لا يجوز أن تكون لفظة النظر مقولة بالاشتراك بين الرؤية وتقليب الحدقة والمقابلة لأنا نقول: هذا باطل لوجوه أربعة: أما أولا فلأنها لو كانت لفظة النظر مشتركة بين الرؤية والمقابلة والتقليب لكانت حقيقة في الرؤية ومفيدة لمعناها، وقد بينا فيما سلف أن النظر لا يفيد الرؤية أصلا.
وأما ثانيا فهو أن الاشتراك على خلاف الأصل، والأصل أن الألفاظ موضوعة على معانيها المفردة من غير اشتراك فمن ادعى كون اللفظة موضوعة بالحقيقة لحقيقتين مختلفتين أو أكثر كان مدعيا لخلاف الأصل، فعليه الدلالة.
وأما ثالثا فلأنهم قالوا: فلان ينظر إلي نظر راض ونظر غضبان ونظر شزر، فأطلقوا هذا التقسيم في النظر، فلو كان لفظ النظر واقعا على الرؤية حقيقة تارة وعلى التقليب والمقابلة أخرى لكان المنقسم إلى هذه الأقسام بعض ما نطلق عليه اسم النظر لا كل ما يسمي بالنظر، فكان يلزم ألا نعلم أن المراد تقليب الحدقة دون الرؤية إلا بالقرينة؛ لأن هذا من حق مايكون مشتركا، أعني أنه لا بد فيه من القصد بالقرينة، فلما لم يفصلوا علمنا أن لفظ النظر لا يفيد الرؤية بحال.
ال و أما رابعا فهو أن أحدا من الأمة لم يقل بأن لفظة النظر مشتركة بين الرؤية والتقليب والمقابلة؛ لأن المثبتين للرؤية حملوها على الرؤية، والمنكرون للرؤية حملوها على التقليب
पृष्ठ 325