322

============================================================

الشهيد شح معالم العدل والتوحيل اما الرؤية أو الانتظار أو تقليب الحدقة الصحيحة نحو المرئي طلبا لرؤيته. فإذا أبطلنا القسمين الآخرين ثبت أن المراد به الرؤية، وإنما قلنا: إن الأمة مجمعة على أن المراد بالنظر ها هنا أحد هذه الأمور الثلاثة، فلأن من أثبت الرؤية حمل النظرها هنا عليها، ومن نفاها فإنه يحمل النظر على أحد وجهين: إما على تقليب الحدقة نحو المرني، ونقول: لما استحال التقليب في حق الله تعالى جاز إضمار ما يصح ذلك فيه، فيكون المراد ناظرة إلى ثواب ربها.

ال واما أن يحمل النظر على الانتظار، وليس أحد من الأمة قال في الآية قولا وراء هذه الأمور الثلاثة، وإنما قلنا إنه لا يمكن حمله على الانتظار؛ فلأن لفظ النظر المقرون بحرف إلى متعلقا بالوجه ما جاء في اللغة بمعنى الانتظار. وإنما قلنا إنه لا يمكن حمله على تقليب الحدقة؛ لأن ذلك يتضمن كون المنظور إليه في الجهة والمنظور إليه ها هنا هو الله تعالى، وليس حاصلا في جهة، فإذا بطل هذان القسمان ثبت أن المراد بالنظر في الآية الرؤية.

والجواب عن هذه الشبهة من أوجه ثلاثة: الأول أن النظر وإن كان يقع على معان عدة فلا نسلم أنه يفيد الرؤية بل إنما يوضع لتقليب الحدقة نحو المرئي أو لمقابلة الحدقة للمرثي، وليس بنفس الرؤية، وإنما هو مقدمة الرؤية، ينزل منزلة الإصغاء من السمع، ويدل على ما قلناه أمور عشرة: أما أولا فقوله تعالى في قصة الأصنام: (وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون)(1) أثبت النظر حال عدم الإبصار، والمنفي غير المثبت، فالنظر غير الإبصار. لا يقال: النظر ها هنا مجاز؛ لوروده في حق الأصنام. لأنا نقول: المجاز كالحقيقة في عدم المناقضة.

وأما ثانيا فلأنهم يقولون: نظرت إلى الهلال فلم أره. فأثبت النظر مع عدم الرؤية، وهذا يدل على تغايرهما.

1- سورة الأعراف: آية 198.

पृष्ठ 322