273

============================================================

السهيد شح معالمر العدل والنرحيل الا أنه لا يجوز إطلاق لفظ الجوهر عليه؛ لأنه يوهم آنها متركبة منه، ويوهم أيضا كونه متحيزا.

فأما من جهة الاصطلاح فلا يجوز إطلاقه عليه؛ لأن فائدته في لسانهم آنه حجم غير متجزي، وهذا في حقه محال، فيبطل إطلاق لفظ الجوهر عليه.

والدليل على بطلان كونه جوهرا وجوه: الأول هو أنه تعالى لو كان جوهرا لكان متحيزا، ولو كان متحيزا لكان محدثا، وقد ثبت أنه تعالى قديم، فبطل أن يكون جوهرا. وإنما قلنا إنه تعالى لو كان جوهرا لكان متحيزا؛ فلأن الجوهر إنما ينفصل عن العرض بكونه متحيزا؛ لأن التحيز أصل في حقيقة الجوهر وجزء من معناه، فلا يمكن تعقل حقيقة الجوهر من دون تحيزه. وإنما قلنا إنه لو كان متحيزا لكان محدثا؛ فلأن المتحيز شاغل للجهة، وشغله للجهة هو كونه فيها، فالكون ملازم للمتحيز، وهو دلالة على حدوثه. فثبت أنه تعالى لو كان جوهرا لكان محدثا، وقد ثبت قدمه، فبطل أن يكون جوهرا.

الوجه الثاني أنه تعالى لو كان جوهرا لاستحال أن يكون قادرا وعالماب لأن اتصافه بهذه الصفات إما أن يكون واجبا أو جائزا، فإن كان واجبا لزم اتصاف جميع الأجسام بهذه الصفات، وهو باطل بالضرورة. وإن كان جائزا افتقر في اتصافه بها إلى مخصص مختار كما قررناه، ثم ذلك المخصص إما أن يكون هو أو غيره، وباطل أن يكون هو المؤثر لنفسه في قادريته وعالميته؛ لأن شرط كون الشيء مؤثرا كونه قادرا عالما، فلو كان هو المؤثر لنفسه في القادرية والعالمية لزم اتصافه بهذه الصفات قبل اتصافه بها، وإنه محال. وإن كان المؤثر غيره فذلك الغير إن كان من أفعاله لزم الدور، وإن لم يكن من أفعاله كان هو محتاجا في كونه قادرا وعالما وحيا إلى مؤثر يجعله على هذه الصفات، فلا يكون هو إلها بل ذلك الغير هو

पृष्ठ 273