187

============================================================

الشهيد شح معالمر العدل والترحيل الشمس، وأن نصب الحديد المحمي على صدره فلا يدرك حرارته، وأن تقطع أوصاله فلا يدرك الألم، وأن يطبق عليه في تنور مسجر فلا يدرك حرارته، وأن يكون بين يديه جبال شامخة وأصوات هائلة وهو لا يدركها، ويعلم العقلاء استحالة هذه الأمور ضرورة، ثم إنه اورد على نفسه عقيب ذلك صورا من الأمور العادية المستمرة كالإحراق عقيب ملاقاة النار وحصول الشبع والري عقيب الأكل والشرب لصحيح المزاج وحصول النبات عند القاء البذور في الأرض الطيبة مع حصول الشرائط وعلوق الولد عند إلقاء النطفة في الرحم.

وأجاب عن هذه الصور بأمرين : أحدهما القول بوجوب حصول الإحراق عند ملاقاة التار وحصول النبات عند كمال شرائطه ووجوب حصول الشبع عند تناول الغذاء الطيب، والتزم الوجوب في هذه الصور، فأما علوق الولد عند إلقاء النطفة فلم يلتزم وجوبه، وذكر في الفرق بينه وبين غيره ان العلم به ليس كالعلم بغيره في الظهور كسائر الأمور العادية، بل العلم بوجوب حصولها أجلى وأظهر منه.

وثانيهما أنه أجاب بأن هذه الأسئلة جارية مجرى شبه أصحاب السفسطة في كونها غير قادحة في العلم الضروري الحاصل لنا، فإن العامل لو قيل له: إن هذا الجيل صغير وإن شاهدته عظيما ولعل الأنهار الجارية سراب ولعل الجبال العظيمة متحركة وإن كنا نشاهدها ساكنة. لما داخله شك في هذه الأمور، كذلك إذا سمع العاقل هذه الأسئلة لم يشك بسببها في ما قد حصل من العلم الضروري من وجوب إدراك المرثي عند حصول تلك الشرائط: وأما بيان الثاني وهو أن العلم بكونه ضروريا نظري، فحاصل كلام أبي الحسين أن العقلاء إذا أعملوا حواسهم السليمة فلم يروا فيلا بحضرتهم علموا أنه لا فيل بحضرتهم،

पृष्ठ 187