तमालुक फरांसविया अक़्तार मिस्रिया
ذكر تملك جمهور الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية
शैलियों
وفي السابع والعشرين من الشهر المذكور أمر حضرة السرعسكر الكبير بحفر خنادق حول السور؛ لأجل أن يعملوا متاريس أمينة وحصارات متقنة حصينة؛ لأنه وجد سور يافا ملانا بالمدافع الكبيرة ومشحونة بعساكر الجزار الغزيرة، وفي تاسع وعشرين من الشهر المذكور لما قرب حفر الخندق إلى السور مقدار ماية وخمسين خطوة أمر حضرة السرعسكر المشار إليه أن تنصب المدافع على المتاريس، وأن يضعوا الهاون الكبير بإحكام وتأسيس، وأمر بنصب مدفع صيانة لعساكره الصاعدين والمشتغلين بخرق السور، وأمر بنصب مدفع آخر بجانب البحر لمنع الخارجين إليهم من مراكب المينا؛ لأنه وجد في المينا بعض مراكب أعدوهم عساكر الجزار إلى الهروب، ولا ينفع الهرب من المقدر المكتوب، ولما رأت عساكر الجزار الكاينين بالقلعة أن عساكر الفرنساوية قلايل فيرى ألفين للناظرين؛ لسبب اختفاء الفرنساوية في الخنادق وخلف المتاريس، فغرهم الطمع وفتحوا مجالهم من القلعة مسرعين مهرولين، وظنوا أنهم يغلبوا الفرنساوية، فهجمت عليهم الفرنساوية وقتلوا منهم جملة كثيرة في الوقعة، وألزموهم وألجوهم للدخول ثانيا إلى القلعة.
وفي يوم الخميس غاية شهر رمضان حصلت عند السرعسكر شفقة قلبية على الرعية، وخاف على أهل يافا من عسكره إذا دخلوها بالقهر والإكراه، فأرسل إليهم مكتوبا مع رسول، مضمونه:
لا إله إلا الله، وحده لا شريك له
بسم الله الرحمن الرحيم
من حضرة سرعسكر إسكندر كتخدا العسكر الفرنساوي إلى حضرة حاكم يافا: نخبرك أن حضرة سرعسكر الكبير بونابارته أمرنا نعرفك في هذا الكتاب: أن سبب حضوره إلى الطرف إخراج عسكر الجزار فقط من هذه البلد؛ لأنه تعدى بإرسال عسكره للعريش ومرابطته فيها، والحال أنها من إقليم مصر التي أنعم الله بها علينا، فلا يناسبه بالإقامة بالعريش ؛ لأنها ليست من أراضيه، فقد تعدى على ملك غيره، ونعرفكم يا أهل يافا أن بندركم حاصرناه من جميع أطرافه وجهاته، وربطناه بأنواع الحرب وآلات والمدافع الكثيرة والكلل والقنابر الغزيرة، وفي مقدار ساعتين ليقلب سوركم وتبطل آلاتكم وحروبكم، ثم نخبركم أن حضرة السرعسكر المشار إليه بونابارته لمزيد رحمته وغزير شفقته خصوصا بالضعفاء من الرعية خاف عليكم من سطوة عسكره المحاربين، وإذا دخلوا إليكم بالقهر فأهلكوكم أجمعين، فأمرنا أن نرسل إليكم هذا الخطاب أمانا كافيا لأهل البلد والأغراب؛ ولأجل ذلك أخر ضرب المدافع والقنابر ساعة واحدة، وإنني لكم من الناصحين القلبية.
والحال أنهم جعلوا الجواب قتل الرسول مخالفين للقوانين الحربية والشرعية المطهرة المحمدية، وحالا في الوقت والساعة هاج السرعسكر واشتد غضبه على الجماعة، وأمر بابتداء ضرب المدافع والقنابر الموجبة التدمير، وبعد مضي زمان يسير تعطلت مدافع يافا المقابلة لمدافع المتاريس، وانقلب عسكر الجزار في وبال وتنكيس، وفي الظهر من هذا اليوم انخرق سور يافا، وارتج له القوم ونقب من الجهة التي ضرب فيها المدافع من شدة النار، ولا مرد لقضاء الله ولا مدافع، وفي الحال أمر حضرة السرعسكر بالهجوم عليهم، وفي أقل من ساعة ملكت الفرنساوية البندر والأبراج، ودار السيف في المحاربين، واشتد بحر الحرب وهاج، وحصل النهب فيها تلك الليلة.
وفي ثاني يوم الجمعة غرة شوال وقع الصفح الجميل من حضرة السرعسكر الجليل، ورق قلبه على أهل مصر من غني وفقير ومتجبر وحقير، الذين كانوا في يافا وأعطاهم الأمان، وأمرهم بالرجوع إلى الأوطان مكرومين، وكذلك أمر أهل دمشق برجوعهم إلى أوطانهم سالمين؛ لأجل ما يعرفوا مقدار شفقته ومزيد رأفته ورحمته ويعفو عند المقدرة ويصفح وقت المعذرة؛ لكثرة تمكنه ومزيد إتقانه وتحصنه.
وقتل أكثر من أربعة آلاف من عسكر الجزار في السيف والبندق لما وقع منهم من الانحراف، وأما الفرنساوية لم يقتل منهم إلا القليل والمجاريح منهم ليس بكثير، وسبب ذلك سلوكهم للقلعة من طريق أمينة خافية عن العيون، وأخذوا ذخاير كثيرة وأموال غزيرة، ومسكوا المراكب التي في المينا، واكتسبوا أمتعة غالية ثمينة، ووجدوا في القلعة أكثر من ثمانين مدفع، ولم يعلموا مع مقادير الله آلة الحرب لا تنفع؛ فاستقيموا يا عباد الله وارضوا بقضاء الله، ولا تتعارضوا على أحكام الله، وعليكم بتقوى الله، واعلموا أن الملك لله يؤتيه لمن يشاء. والسلام عليكم ورحمة الله.
الفقير السيد: خليل البكري نقيب الأشراف بمصر حالا
عفا الله عنه
अज्ञात पृष्ठ