والموضع (الثانى) من غلط الشاعر أن يحرف المحاكاة. وذلك مثلما يعرض للمصور أن يزيد فى الصورة عضوا ليس فيها، أو يصوره فى غير المكان الذى هو فيه، كمن يصور الرجلين فى مقدم الحيوان ذى الأربع، واليدين فى مؤخره.
وينبغى أن يتفقد مثال هذا فى أشعار العرب. وقريب منه عندى قول بعض المحدثين الأندلسيين يصف الفرس:
وعلى أذنيه أذن ثالث من سنان السمهرى الأزرق
والموضع (الثالث) أن يحاكى الناطقين بأشياء غير ناطقة. فان هذا أيضا من مواضع التوبيخ. وذلك أن الصدق فى هذه المحاكاة يكون قليلا والكذب كثيرا، إلا أن يشبه من الناطق صفة مشتركة للناطق وغير الناطق. وقد تؤنس بمثل هذا العادة، مثل تشبيه العرب النساء بالظباء وببقر الوحش.
والموضع (الرابع) أن يشبه الشىء بشبيه ضده أو بضد نفسه. وذلك مثل قول العرب: «سقيمة الجفون» فى الحسنة الغاضة النظر. وقريب منه قولهم:
راحوا كأنهم مرضى من الكرم
وقول الآخر:
ومخرق عنه القميص تخاله وسط البيوت من الحياء سفيما
पृष्ठ 248