قال: وإجادة القصص الشعرى والبلوغ به إلى غاية التمام إنما يكون متى بلغ الشاعر من وصف الشىء أو القضية الواقعة إلى يصفها مبلغا يرى السامعين له كأنه محسوس ومنظور إليه، ويكون مع هذا ضده غير ذاهب عليهم من ذلك الوصف. وهذا يوجد كثيرا فى شعر الفحول والمفلقين من الشعراء، لكن إنما يوجد هذا النحو من التخييل للعرب إما فى أفعال غير عفيفة، وإما فيما القصد منه مطابقة التخييل فقط. فمثال ما ورد من ذلك فى الفجور قول امرئ القيس:
ومثال ما ورد من ذلك مما القصد به مطابقة التشبيه فقط قول ذى الرمة يصف النار:
وقد يوجد ذلك فى أشعارهم فى وصف الأحوال الواقعة مثل الحروب وغير ذلك مما يتمدحون به. والمتنبى أفضل من يوجد له هذا الصنف من التخييل، وذلك كثير فى أشعاره؛ ولذلك يحكى عنه أنه كان لا يريد أن يصف الوقائع التى لم يشهدها مع سيف الدولة. وإجادة هذا النوع من التشبيه يتأتى بأن يحصل للإنسان أولا جميع المعانى التى فى الشىء الذى يقصد وصفه، ثم يركب على تلك المعانى الأجزاء الثلاثة من أجزاء الشعر، أعنى التخييل والوزن واللحن.
قال: وتعديد مواضع الاستدلالات مما يطول. — وإنما أشار بذلك إلى كثرتها واختلاف الأمم فيها.
पृष्ठ 230