تلخيص كتاب الحس والمحسوس للفقيه القاضى ابو الوليد بن رشد المقالة الاولى

पृष्ठ 1

ولما تكلم فى كتاب الحيوان في اعضاء الحيوان وما يعرض لها، وتكلم بعد هذا فى كتاب النفس فى النفس وفى اجزائها الكلية، شرع هاهنا فى التكلم فى القوى الجزئية منها، وتميز العام منها لجميع الحيوان من الخاص. وبالجملة فهو يفحص هاهنا عن القوى التى توجد للحيوان من جهة ما هو متنفس. ولما كانت هذه القوى صنفين، صنف ينسب لجسد الحيوان من اجل وجود النفس له مثل الحس والحركة، وصنف ينسب للنفس من اجل الجسد. وهذه هى اجناس: منها النوم واليقظة؛ ومنها الشباب والهرم؛ ومنها الموت والحياة؛ ومنها دخول النفس وخروجه؛ ومنها الصحة والمرض؛ ومنها طول العمر وقصره؛ وكان قد تكلم فى الصنف الاول منها فى كتاب النفس كلاما كليا، ابتدأ هاهنا فتكلم فيها كلاما جزئيأ، اعنى انه يذكر فصولها العامة لجميع الحيوان والخاصة بنوع نوع، ويوفى القول فى ما بقى عليه من اسباب تلك القوى. مثال ذلك انه تكلم في كتاب النفس فى القوة المحركة الحيون فى المكان، ما هى وكيف تحركا، وبقى عليه هاهنا ان يقول ما هى الاعضاء والآلات التى بها تتم هذه الحركة.

ثم انه بعد ذلك يذكر الصنف الثانى من هذه القوى، وهذا الصنف هو ضرورى فى جود الحيوان. وذلك ان كل قوة منها تشمل قوى كثيرة من قوى النفس، وهى كالجنس لها. ولذلك كانت اكثر ضرورية من الصنف الاول، مثل النوم واليقظة، فان النوم سكون جميع الحواس، واليقظة هي حركاتها. وكذلك الموت ولحياة، والشباب والهرم، والصحة والمرض.

والذى يلفى لارسطو فى بلادنا هذه من القول فى هذه الاشياء التى وعد فى صدر هذا الكتاب بالتكلم فيها، انما هو ثلاث مقالات فقط. المقالة الاولى يتكلم فيها فى القوى الجزئية التى فى الحواس والمحسوسات، وبهذا الجزء لقب هذا الكتاب. والمقالة الثانية يتكلم فيها فى الذكر والفكر والنوم واليقظة والرؤيا.

पृष्ठ 2

والمقالة الثالثة فى طول العمر وقصره.

فنتكلم نحن اولا في هذه المقالات الموجودة له على عادتنا ، وإن انسأ الله فى العمر فسنتكلم فى تلك الامور الاخر.

पृष्ठ 3

فلنبدأ بالقول فى الحس والمحسوس. والكلام بالجملة فى ذلك منحصر فى اربعة اقسام: منها معرفة ماهية هذه القوى وماهية جزء جزء منها؛ ومنها معرفة الآلات التى بها يتم فعل هذه القوى؛ ومنها معرفة مدركات هذه القوى وهى المحسوسات؛ ومنها معرفة كيفية ادراك هذه القوى هذه المحسوسات. وهذه كلها قد تكلم فيها فى كتاب النفس بكلام كلى. وهو هاهنا يروم ان يستوفى الكلام فى الامور الجزئية الموجودة، والخواص التى تختص بها هذه القوى فى انفسها وفى حيوان حيوان، والخواص التى تعم. ويعرف ما بقى عليه من طبيعة المحسوسات، فان هذا لم يتكلم فيه فى كتاب النفس الا بقول فى غاية الكلية.

فنقول ان القوى الحسية بالجملة، منها ما هى ضرورية فى وجود الحيوان، ومنها ما هى موجودة فى الحيوان لمكان الافضل. وهذه ايضا كلها تختلف فى الحيوان بالقوة والضعف. فاما التى وجدت فى الحيوان من اجل الضرورة، فهى حاسة اللمس وحاسة الذوق؛ واما التى وجدت من اجل الافضل، فحاسة السمع وحاسة البصر وحاسة الشم. وانما كانت حاستا الذوق واللمس ضروريتين فى بقاء الحيوان لان بها تميز الاشياء التى ترد بدنه من خارج الى داخل. وذلك ان بحاسة الذوق يميز الطعم الملائم من غير الملائم. وبحاسة اللمس يميز الامور التى تفسد بدنه من خارج والتى تحفظه وتناسبه. واما الحواس الاخر فليس فعلها تمييز ما شانه شأنه ان يرد البدن من خارج الى داخل، ولذلك لم تكن ضرورية فى وجود الحيوان.

पृष्ठ 4

وهذه القوى يشملها كلها انها لا يتم فعلها الا بآلة. ويخص قوتى اللمس والذوق انهما لا يحتاجان فى فعلهما الى متوسط، ويخص الثلاث الباقية انها تحتاج الى المتوسط.

पृष्ठ 5