अल-तालिफ़ अल-ताहिर फ़ी शियाम अल-मलिक अल-ज़ाहिर अल-काइम बि-नुसरत अल-हक़ अबू सईद जकमक
التأليف الطاهر في شيم الملك الظاهر القائم بنصرة الحقق أبي سعيد جقمق
शैलियों
الزمان فتوفي إلى رحمة الله تعالى سريعا • ومدة سلطنته كانت يسيرة نحوا من ثم أن الله تعالى أنار الافاق بطلعة مولانا السلطان وولايته فتنفس الزمان ورفع الدهر عن كاهل الإسلام والمسلمين كل الجور والعدوان • فأحسن مراسم العدل والإنصاف • وأفنى مواسم الجور والاعتساف • ورفع لواء الحق • ونصر أولياء الصدق • وربي العلم والعلماء • وإلى مراتب الفضل والفضلاء • ونظر في حال الغريب والقريب • وأحسن إلى كافة الناس من كبير وصغير • وغني وفقير • ومأمور وأمير • واجتهد في إعلاء كلمة الله تعالى • وإحياء رسوم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم • ووضع كل شيء في محله • وولي كل وظيفة أهلها كما ينبغي • ثم أنه حفظ عهد القدماء من خدمه • ومن بينه وبينه أدني معرفة • فضلا عن سابق خدمة أو أكيد صحبة ومحبة • فرفع من قدر الجميع • وشمل الكل بصدقاته الوافرة • وعطاياه العاطرة الماطرة • ونشر لواء المواهب على أطراف الأفاق • وهادن الملوك وهاداهم وصادق سلاطين الأطراف وصافاهم • وكان ذلك دأبه ودينه من أول ما اشتهر أمره في الدنيا حتى كانت الملوك والسلاطين من الجوانب يتمنون أن لو كان الأمر إليه • وإن عول في أمر مصالح الإسلام والمسلمين عليه • إلى أن انجح الله تعالى قصدهم • وزين سعادتهم وسعدهم • واستجاب دعاهم • وقضى مناهم • فابتهجت الدنيا شرقا وغربا • بعدا وقربا • فصار كل يوم يزيد ما كان يفعله من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم • وينشر سحائب الجود على أطراف البلاد وعطر غيث الكرم • حتى قيد الناس بإحسانه • وملك ملوك الدنيا بصدقاته وامتنانه • شعر • ومن وجد الإحسان قدا تقيدا • وقيل قيل للإسكندر بم نلت ما نلت قال باستمالة الأعداء • والإحسان إلى الأصدقاء • وسنذكر في فصل الحزم وفكر العواقب حكاية الشيخ صفا • ثم
51ظ
إن جميع المخالفي والموافقين اغتنموا فرص امتثال أوامره • وسارعوا إلى تقبيل الأرض بين يدي المواقف الشريفة • وحصل لهذه الدولة العادلة بعون الله تعالى ما لم يحصل للملوك والسلاطين قبلها • فممن ابتهج غاية الابتهاج • وانشرح صدره غاية الانشراح • شاهرخ بن تمور صاحب ممالك العجم • والهند • وما وراء النهر • وخوارزم • وإذربيجان وكيلان • وعراق العجم • وغيرها • وأجرى الله تعالى ما يجب عليه من وظائف الشكر وطير بطارق البشائر من أطراف ممالكه بذلك • وكان ممن آخا مولانا السلطان قبل الولاية وسيأتي لذلك مزيد بيان إن شاء الله تعالى • ثم المقر الشرق المرادي ابن عثمان صاحب ثغور الروم • وملك الغزاة والمجاهدين • وكان يدعو مولانا السلطان أبا • وممن سارع إلى المثول بين يدي المواقف الشريفة الجناب العلاي علي بيك بن عثمان • وأيلوك هو وأولاده وأهله وهو أنجب أولاد عثمان الذكور وأقر بهم إلى الخير فأولته المواقف الشريفة من صدقاتها سابغ النعم وفائض الكرم ولما برزت المراسيم الشريفة بتجهيز المشار إليه إلى الحجاء الشريف وكان وقت الحج قد قرب فانهال عليه من الإنعامات والصدقات بما كان محتاجا إليه من البر والمحابر والمحفات والأزواد والرواحل وجميع الاستعدادات الملوكية له ولأولاده ولمن معه من جماعته ففاض عليهم من ذلك ما لا مزيد عليه ثم خرج المحمل وكان المشار إليه في القلب من الطليعة والجناب الشرف بيك المؤيدي يمنه • والجناب الشريف نوروز ميسرة • وأمير الحاج المقر الشريف قاني بيك نائب القلعة المنصورة فحج المشار إليه بعد أن كان منغمسا في بحار الخطايا والآثام حجة الملوك ثم قفل فتضاعفت عليه الصدقات الشريفة بأنواع الخيرات وأصناف المبرات • وخير بين الإقامة في الخدمة الشريفة وبين سكناه من أي مكان أراد من الممالك الإسلامية مع ما يسري إليه من الانقطاعات • وسائر أصناف
52و
الجبر والصدقات وكان ذلك في أواخر شهور سنة إثنين وأربعين في أوائل سنة ثلث وأربعين وثمانمائة • ثم في يوم الخميس ثامن عشرين شهر رمضان المعظم قدره سنة ثلث وأربعين وثمانمائة قدم إلى دمشق المقر الكريم الشرفي الناصر محمد بن دلغادر أخو سولي بيك المذكور وهو أمير التركمان وحاكم أبلسنين وقيسارية وما والي ذلك من المدن والقلاع قاصدا المثول بين يدي المقام الشريف متقلدا طوق السمع والطاعة • ولفضل ما أسدى إليه من الصدقات الشريفة في موضعه ولقد خرج أكابر الملك والسلاطين من الدنيا وفي قلوبهم من المشار إليه وممن تقدمه من الدلغادرية وخاصة أخيه سولي بك الحسرات من زمان الملك الظاهر برقوق • ومن ولي بعده من الملوك • وكان قد أعجز الجميع مع ما يجرون له من العساكر والجنود ويتأهبون له بأنفسهم بالاستعدادات التامة والعدد والعدد • فتحصن منهم في رؤوس الجبال والأماكن الصعبة الوعرة السلوك فلا ينالون منه الثأر • ولا يدركون منه ولا الغبار • وكان لعب بعقل الملك الأشرف برسباي وأدى إليه جانبك الصوفي وأرسل إلى الملك الأشرف التمس منه أشيئا من جملة ذلك قلاعا وأمرته تقدمة في حلب وألوف دنانير معينة ليرسل في مقابلة ذلك جانبك الصوفي فأجابه إلى ما سأل وأرسل جميع ما طلبه من الأموال والأمرية بزيادة ووعده المواعيد الجزلة الجميلة فأخذ ذلك كله وأطلق جانبك وصاهره ولم يآل بالملك الأشرف فحصل له من الخنق والغيظ ما كان يفطر قلبه ثم أنه جهز إليه العساكر والأمراء ومنهم مولانا السلطان والأمير أركار الدوادار الظاهري فجردهم وأرسلهم إليه على عادته برؤس الجبال فأوغل العساكر في طلبه حتى دخلوا المضائق والأماكن الوعرة العسرة السلوك وخاطروا بأنفسهم وأمكن الأمر ناصر الدين فأخذ الطرق عليهم وقبضهم والفتك بهم
52ظ
كما يختار فلم يفعل من ذلك شيئا فأشار عليه جماعة من أهله وقالوا افعل معهم كما فعل أخوك سولي بك بالعسكر الذي أرسله إليه الملك الظاهر برقوق وصورة الواقعة إن الملك الظاهر برقوق رحمه الله في أول ولايته في سنة سبع وثمانين وسبعمائة أرسل جماعة من العساكر إلى سولي بك بن دلغادر أخو ناصر الدين المذكور فوصلوا إلى أيلتيزا وما يدانيها من محاذاة باب الملك وأوغلوا في طلبهم وهي أماكن صعبة المسلك عسرة الطرق فأخلوا لهم الأماكن فتصوروا أنهم هربوا منهم فتطلبوهم في كل شاهق ودخلوا الأوعار والمضائق وتشعبت بهم الشعاب والدروب وهم غرباء لا يهتدون إلى سلوكها وأهل مكة أخبر بشعابها فانقلب الراكد عليهم وداروا وسدوا عليهم أفواه الدروب والمسالك وتناولوهم بالأحجار والسهام والمقاليع وصاروا من كل حدب ينسلون وأخذوا يأسرون ويسلبون • ثم أنهم سلبوهم ثيابهم وما معهم وأطلقوهم فوصلوا إلى حماة في أبشع صورة ودخل الأمير الكبير منهم وهو عريان على حمار إلى حماة ولم ينالوا من الراكد غير السلامة بالروح كما قيل • • أيا بك سالما نصف الغنيمة • وكل الغنم في النفس السليمة • فلما جهز الملك الأشرف العساكر إلى الأمير ناصر الدين كما ذكروا مكنه إيذاؤهم ولم يفعل وأشار عليه جماعته بذلك فقال كلا لا أفعل شيئا من ذلك ولا أوصل إليهم • مكروها وذلك لأن فيهم الرجل الخير • والسيد الجليل الأمير جقمق • الولي الخفي • والكامل المسري • مغيث الملهوف • وصاحب الخير الجم والمعروف • والأمير إزكمار • فأنا أكرم هذه العساكر كلها لأجل هذين الأميرين العظيمين • ولأجل عين تكرم ألف عين • فبلغ الملك الأشرف على ما أرسله إليه غاية الندم وأكل يديه اسفا عليه وخرج من الدنيا بحسرته وذلك لما كان مولانا السلطان يسدي من الخير والمعروف لكل أحد من خلق الله تعالى قريبا كان أو بعيدا معرفة أو غير معرفة إن كان أمكنه
53و
بالفعل وإيصال خير ومعروف كان وإلا فلا يقصر في القول والتربية وسد خلل الكبير والصغير • وكان كما نقل إذا ذكر الأمير ناصر الدين بن دلغادر بحضرة أحد من الملوك وخاصة الملك الأشرف يذكره بالخير • ويدافع عنه مهما أمكن • وكان يبلغ ذلك ناصر الدين فكان ذلك الموجب لكف الأذى عنهم في تلك التجريدة كما قيل • • الخير أبقى وإن طال الزمان به • والشر أخبث ما أوعيت من زاد • ثم إن ذلك أدى إلى أنه لما شرفت الدنيا بولاية مولانا السلطان وصل ما كان يقوله في حق الناصري المشار إليه من الخير بالفضل فلم يسعه إلا الإسراع والمثول بين يدي المواقف الشريفة السلطانية واستقبال أوامرها بالامتثال بالسمع والطاعة ففعل معه من اللطف السابغ والكرم السابغ ما لا يمكن حصره ولا إحصاؤه وسيأتي تفصيل ذلك • فانظر إلى الملك الأشرف هل أفاده تهيئة العساكر وبذل الأموال والأرواح والتوجه إلى عثمان قرا ملوك في سفره إلى آمد وتجهيزه العساكر إلى الأمير ناصر الدين بن دلغادر المشار إليه غير التعب والنصب والخيبة والمشقة ووقوع الوهز في الأبدان والنقص في الأموال ولتسلط الألسنة عليه بالتشنيع • وتشفي المخالفين • وكيف آل مآل ذلك إلى الندم • ولقد هم مرارا لما كان في آمد أن يبيد العساكر الإسلامية وراء ظهره ويركب البحر ويهرب متوجها إلى الشام فثبته الله تعالى حتى رجع وعرضه باق عليه • ثم أنظر كيف امنع وأزهر وانتج وأثمر جميع ما كان يغرسه مولانا السلطان الهمه الله العدل والتوفيق • وهداه بلطفه ورحمته إلى سواء الطريق في قلوب الأقارب والأباعد وملوك الأفاق • وسلاطين الأطراف من الود والإحسان ومكارم الأخلاق • بحيث صار أمره الشريف نافذا في مسامع الكل • وتحكم فيما كان بين يديهم من جل وقل • وهذه نكتة عزيزة من التوفيق التي قل من يهتدي إليها إلا من وفقه
53ظ
अज्ञात पृष्ठ