يقول إنه جاء لأبي في خدمة. - خير إنشالله.
يقول إن الحاج «مشعل» لفق له قضية مخدرات. وإنه يحتاج شهادة من أبي في المحكمة.
يقول أبي على الفور: أنا تحت أمرك. هو إيه اللي حصل؟ - خد الدكان اللي قدامي وعاوز ياخد دكاني كمان. مرضيتش أبيع.
ينهض قائلا: لازم أفوت على الدكان. شفت الميكروفون اللي «مشعل» معلقه؟ - أيوه. جايب لهنا. مبيخلنيش أنام. - ناوي تسهر معانا الليلة؟ «أم كلثوم» حتغني «هلت ليالي القمر.» يلتفت أبي ناحيتي ثم يقول: لما أشوف.
ينصرف «عبد العليم». أعتدل جالسا. أقول له: بابا متسيبنيش لوحدي. يتأملني لحظة ثم يقول: طب قوم البس هدومك.
أرتدي ملابسي بسرعة. أمسح زجاج النظارة بمنديل . نخرج إلى الحارة. «سهام» في نافذتها كالعادة. نخرج إلى الشارع. نتجه إلى ميدان «السكاكيني». نجتاز عدة شوارع إلى أن نبلغ سينما «ريالتو». قاعة مزدحمة. صفير وضجيج وصياح. نصعد سلما قصيرا إلى منصة عالية. نجلس فوق دكة خشبية. باعة اللب والسوداني والسميط يسعون بين الدكك. أهم بالجلوس فوق فخذيها فتبعدني عنها. يأخذني أبي بين ساقيه. يمر بنا بائع في جلباب نظيف علق في ذراعه سبتا مغطى بالقماش. يشتري لكل منا سميطة بالسمسم. يعطينا البائع معها شريحة من الجبن الرومي فوق ورقة في حجم الكف.
يشتري لي أبي كيسا من اللب. فيلمان. الأول قصير عبارة عن حلقة من مغامرات «جيس وجيمس». الثاني «بلبل أفندي». ل «فريد الأطرش» و«صباح».
تظلم الشاشة فجأة ويضيء نور القاعة. تتصاعد الصيحات. يخلع أبي طربوشه تلمع صلعته في الضوء. يشعل سيجارته. سينما «الهلال» في ميدان السيدة زينب. أنا و«عزمي» ابن خادمة «ماما بسيمة». نقف عند شباك التذاكر. البائع يرتدي بزة كاملة أنيقة وطربوشا مائلا. ليس معنا ثمن التذاكر. يشير لنا أن نتسلل من باب الدرجة الثالثة. نقف قرب الشاشة. وجه «ليلى مراد» يملؤها.
تظلم القاعة. يتواصل العرض. الجو خانق. يخلع أبي سترته. ينتهي الفيلم ويسطع النور. وجهه عابس. يمسح عرقه. يرسم على شفتيه ابتسامة. ننتظر حتى يخف زحام الخارجين. يحتوي يدي في قبضته القوية. نخرج إلى الشارع. يشتري لي «بسبوسة» من محل حلواني. نمشي على مهل. الحارة غارقة في الظلام. مدخل منزلنا أيضا. أتعلق بسترته. تلتف ذراعاه حولي.
10
अज्ञात पृष्ठ