أقاوم الرغبة في السعال. أتابعه في مرواحه ومجيئه بجوار الدولاب. يبتعد وجهه فأرفع رأسي قليلا عن الوسادة. أراه يدور حول المكتب ويجلس مستندا بساعديه إلى سطحه. يزيح طربوشه قليلا إلى الخلف. شفتاه تتحركان بهمهمة غير مفهومة. يزيح سترته ويستخرج سيجارته المطفأة من جيب الصديري. يبحث في ملابسه عن علبة الكبريت حتى يجدها. يشعل نصف السيجارة. يضعها بين شفتيه. ينتزعها قائلا: معرفش أغيب خمس دقائق. هو أنا كنت قاعد ألعب؟ ما كله علشانك. لي شهر أجري ورا القاضي. ستك عاوزة تاخدك مني. تحب تروح عندها؟ وتنام على الأرض؟ السلم العالي. باب السطح الموارب. الغرفة الضيقة. فراش في ركن وأدوات الطهو في ركن آخر. الهواء البارد عند الذهاب إلى الكنيف. وجه ستي الأصفر.
يتناول كتابا. يخرج نظارته من جيب السترة العلوي. يرتديها ويبحث عن الصفحة التي توقف عندها. لا يجدها فيقرأ كما اتفق. يترك الكتاب. ينهض واقفا. يتجه إلى الباب. هل سيخرج من جديد؟ يستدير عائدا. أتابعه بركن عيني. يزفر: كان يوم أسود يوم ما شفت وشك ووش أمك. أسعل. - يا ريت ربنا ياخدك ويريحني منك. أسعل مرة أخرى. أرتعش. تصطك أسناني. أغمض عيني. الملائكة يحيطون بي. أمي تحملني. النور يأتي من الصالة. يلف في دوائر.
أفتح عيني. النور يلف في دوائر. رأسه منحن فوقي. تغطيها الطاقية. لن يخرج إذن. يجس جبهتي. يرفع رأسي ويضع ملعقة «البلمونكس» في فمي. يطوي منديلا مبللا ويضعه فوق جبهتي. يختفي ويعود بكوب من الماء. يعصر فيه ليمونتين. يحضر زجاجة «الأسبرين». يفرغ حبتين في كفه. يذيبهما في الماء. يرفع رأسي. يجبرني على الشرب. أزيح الكوب بيدي بعد رشفة واحدة. لا أستطيع التنفس. أفتح فمي وأتنفس منه. ينقبض صدري وأنهج. يضمني إلى صدره . يقرب منديلا من أنفي. يطالبني بأن أتمخط. أنفي مسدود. يرفع المرآة الصغيرة أمام وجهي. أرى فتحتي أنفي ملوثتين ببقع «المكروكروم» الحمراء.
يغادر السرير. أتابعه ببصري. يفتح الدولاب وينكش داخله. يعود بأنبوبة البول الزجاجية الرفيعة. يعتلي السرير. ينحني فوقي. يضع طرف الأنبوبة في إحدى فتحتي أنفي. يشفط محتوياتها. يبصق في طبق. يضع الأنبوبة في الفتحة الثانية. يشفط. يبصق في الطبق. أتمكن من التنفس. يضع يده فوق رأسي ويتلو آية «الكرسي». السعال لا يريد أن يتوقف. يسقيني على الريق صبغة يود ممزوجة بالماء. يأخذني إلى بئر تتصاعد منه رائحة الجاز. يجلسني فوق حافته. يطلب مني أن أحني رأسي وأستنشق. البئر عميقة. ساعده القوي يحيط بي ويحول بيني وبين السقوط.
8
أفتح الباب في حذر. أتطلع خلفي. أبي غارق في نوم القيلولة. أخرج إلى الصالة. أقترب في خفة من باب حجرة الكونستابل. مغلق. أضع عيني على ثقب المفتاح. طرف السرير. أربع أقدام عارية فوقه. الأقدام متشابكة ولا تتحرك. أتقدم من المنور. أتطلع إلى شباك «أم زكية». مفتوح. يبدو جانب من ساعدها العاري. ألف حول المائدة. ألمح فأرا يجري في اتجاه دورة المياه والمطبخ. أعود إلى غرفة «ماما تحية». أسمع حركة داخلها فأسرع إلى غرفتنا.
أبي نائم على جانبه الأيسر وظهره لي. يشخر. أجلس إلى المكتب. أفتح كتاب العلوم.
أسمع حركة في الصالة. أهرع إلى الباب. أتطلع من ثقب المفتاح. الكونستابل بالفانلة وبنطلون البيجامة أمام الحوض. يغتسل ثم يتجه إلى غرفته. أنتظر. «ماما تحية» في روبها الأبيض. أنتظر حتى تنتهي من الاغتسال وتستدير. أفتح الباب وأخرج إلى الصالة. تشير لي أن أتبعها إلى الغرفة.
الكونستابل مستلق فوق الفراش. ما زال بالفانلة. يداه مشبوكتان خلف رأسه المستند إلى الجدار. شعر إبطيه غزير. الأغطية منكوشة. تزيحها جانبا لتخلي لي مكانا. تقدم لي طبقا من ثمرة «النبق» التي أحبها. تقول إن «كريم» أحضره معه من «أسيوط». تمشط شعرها أمام المرآة. تمرر إصبع الروج فوق شفتيها.
أنتقي حبة سمينة برتقالية اللون. أمسحها في سترة بيجامتي. أستمتع بمذاق لحمها الجاف والحلو. ألفظ البذرة وأتلفت حولي حائرا فيما أفعله بها. أضعها في جيبي. ألتقط واحدة أخرى. مرة. ألفظها وأنتقي واحدة حمراء.
अज्ञात पृष्ठ