لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَذَكَرَ مِنْهَا الطِّلَاءَ، وَفَسَّرَهُ أَوَّلًا بِتَفْسِيرٍ ثُمَّ بِآخَرَ وَحَكَمَ بِأَنَّهُ الصَّوَابُ، فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الْمَعْنَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ، فَالْبَاذِقُ وَالْمُنَصَّفُ حَرَامٌ اتِّفَاقًا.
وَالطِّلَاءُ: وَهُوَ مَا ذهب ثُلُثَاهُ وَيُسمى المثلث حَلَالا إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ كَمَا سَيَأْتِي، فَلَا يَحْرُمُ مِنْهُ عِنْدَهُمَا إلَّا
الْقَدَحُ الْأَخِيرُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِسْكَارُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، فَنَبَّهَ عَلَى أَن مُرَاد المُصَنّف أَنَّ الَّذِي يُسَمَّى الطِّلَاءَ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ ثُلُثَاهُ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ حَرَامٌ وَالثَّانِيَ حَلَالٌ.
وَبَحَثَ الشُّرُنْبُلَالِيّ فِي هَذَا لتصويب بِأَنَّ الطِّلَاءَ يُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا: الباذق وَالْمُصَنّف وَالْمُثَلَّثُ وَكُلُّ مَا طُبِخَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ اهـ.
أَقُولُ: وَفِي الْمُغْرِبِ: الطِّلَاءُ كُلُّ مَا يُطْلَى بِهِ مِنْ قَطِرَانٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا خَثَرَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ: طِلَاءٌ عَلَى التَّشْبِيهِ حَتَّى يُسَمَّى بِهِ الْمُثَلَّثُ.
قَوْلُهُ: (عَلَى التَّفْسِيرِ الاول) أما على الثَّانِي فطاهر لِحِلِّ شُرْبِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ نَجِسٌ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (بِهِ يُفْتَى) عَزَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَى الْكَرْمَانِيِّ وَغَيره.
قَوْله: (وَهُوَ النئ من مَاء الرطب) هَذَا أحد الاشربة الثَّلَاثَةِ الَّتِي تُتَّخَذُ مِنْ التَّمْرِ، وَالثَّانِي النَّبِيذُ مِنْهُ، وَهُوَ مَا طُبِخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ، وَهُوَ حَلَال، وَالثَّالِث الفضيخ: وَهُوَ النئ من مَاء الْبُسْر المذنب، مُشْتَقّ من الضخ: بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ الْكَسْرُ، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يُكْسَرُ وَيُجْعَلُ فِي حُبٍّ وَيُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لِتَخْرُجَ حَلَاوَتُهُ، وَحُكْمُهُ كَالسُّكْرِ، أَفَادَهُ فِي النِّهَايَة.
وَلَو قَالَ المُصَنّف: وَالثَّالِث النئ مِنْ مَاءِ التَّمْرِ لَشَمِلَ السُّكْرَ وَالْفَضِيخَ، فَإِنَّ التَّمْرَ اسْمُ جِنْسٍ يَشْمَلُ الْبُسْرَ وَغَيْرَهُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (إذَا اشْتَدَّ إلَخْ) ذكره غَيره لَازِمٍ نَظِيرُ مَا مَرَّ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ: (نَقِيعُ الزَّبِيبِ) النَّقِيعُ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الْمَزِيدِ أَوْ الثُّلَاثِيِّ.
قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: أَنْقَعَ الزَّبِيبَ فِي الْخَابِيَةِ وَنَقَعَهُ: إذَا أَلْقَاهُ فِيهَا لِيَبْتَلَّ وَتَخْرُجُ مِنْهُ الْحَلَاوَةُ.
وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: إنَّهُ شَرَابٌ مُتَّخَذٌ مِنْ زَبِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الصِّحَاحِ وَالْأَسَاسِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: نَقِيعُ الْبُسْرِ وَالرُّطَبِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ.
قُهُسْتَانِيٌّ مُلَخَّصًا.
لَكِنْ أَفَادَ الْأَتْقَانِيّ: أَنَّ الرُّطَبَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النَّقْعِ فِي الْمَاءِ: أَيْ لِأَنَّ النَّقِيعَ مَا يَكُونُ يَابِسًا لِيَبْتَلَّ بِالْمَاءِ، فَلِذَا أَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ الرُّطَبَ بِالذِّكْرِ.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ إلَخْ) يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ) أَيْ ذَهَبَتْ حَلَاوَتُهُ وَصَارَ مُسْكِرًا وَإِنْ لَمْ يَقْذِفْ بِالزَّبَدِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ بَقِيَ حُلْوًا.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَذَفَ حَرُمَ اتِّفَاقًا) أَيْ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، لَكِنْ لَا يَجِبُ الْحَدُّ إلَّا إذَا سَكِرَ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى.
قَوْلُهُ: (وَظَاهِرُ كَلَامِهِ) حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ.
قَوْلُهُ: (قَوْلُهُمَا) أَيْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَذْفِ.
قَوْلُهُ: (وَتَرَكَ الْقَيْدَ) وَهُوَ الْقَذْفُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى السَّابِقِ) أَيْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي تَعْرِيفِ الْخَمْرِ.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَمُفَادُ كَلَامِهِ) حَيْثُ صَرَّحَ بِأَنَّ نَجَاسَةَ الْبَاذَقِ كَالْخَمْرِ، وَسَكَتَ عَنْ هَذَيْنِ، وَيَبْعُدُ أَنْ
7 / 7