كتاب الزاهر قال : الرحمن: الرقيق، والرحيم، أرق من الرحمن، فهذا خلاف لما تقدم، وحكى عن قطرب(1) انه قال : المعنى فيهما واحد وجمع بينهما للتوكيد، وقال ثعلب(2) : الرحمن عبراني، وأصله يا رخمان، وأنشد الجرير :
الن تدركوا المجد أو تثروا عبادكم
بالخز أو تجعلوا التنوم(3) ضمرانا (4)
هل تتركن إلى القسين هجرتكم
ومسحكم صلبهم رخمان قربانا(5)
قال : فلما نقل إلى العربية اتبع الرحيم ، لأنه لفظ عربي ، ليكون بيانا له .
قال المؤلف رحمه الله : والذي يقوى عندي من هذه الوجوه كلها والله أعلم أن الرحيم أبلغ من الرحمن في الوصف؛ لوجوه منها :
أن الرحمن جاء متقدما على الرحيم، ولو كان أبلغ من الرحيم لكان متأخرا عنه ، لأنهم فى كلامهم إنما يخرجون من الأدنى إلى الأعلى، ويترقون من لأقل إلى الأكثر، فيقولون : فقيه عالم، وشجاع باسل، وجواد فياض، ولا يعكسون هذا لفساد المعنى، وذلك أنه لو تقدم الأبلغ لكان الثانى داخلا تحته ، فلم يكن لذكره معنى.
ومنها : أن أسماء الله تعالى إنما يقصد بها المبالغة فى حقه والنهاية في صفاته وأكثر صفاته تعالى جاءت على فعيل، كرحيم وقدير وعليم وحكيم، وما لا يأخذه الحصر، ولم يأت على فعلان إلا القليل، ولو كان فعلان أبلغ لكانت صفات الباري تعالى عليه أكثر .
ومنها : أنه إن كانت المبالغة فى فعلان من جهة موافقة لفظ التثنية كما قال
पृष्ठ 21