وهذا تكاذب قبيح؛ لأن أحدهما يقول: إن يسوع يملك على بني إسرائيل، والآخر يصفه بصفة ضعيف ذليل١.
٣- موضع آخر:
قال لوقا: "لما نزل بيسوع الجزع من اليهود ظهر له ملك من السماء ليقوِّيه وكان يصلى متواريًا وصار عرقه كعبيط الدم"٢.
ولم يذكر ذلك متى ولا مرقس / (١/٩٩/ب) ولا يوحنا، وإذ تركوا ذلك لم يؤمن أن يتركوا ما هو أهمّ منه فتضيع السنن وتذهب الفرائض وترفع الأحكام.
فإن كان ذلك صحيحًا، فكيف تركه الجماعة؟ وإن لم يصحّ ذلك عندهم لم يُؤمن أن يُدخِل لوقا في الإنجيل أشياء أُخَر أفظع من هذا.
ولعل لوقا قد صدق في نقله، فإن ظهور الملك علامة دالة وأمارة واضحة على رفع المسيح إلى السماء وصونه عن كيد الأعداء.
١ إن واقع حياة المسيح كما يزعمهما النصارى في الأناجيل تفيد أن المسيح ﵇ لم يكن ملكًا ولا متسلطًا على بني إسرائيل يومًا واحدًا، فقد "قال له واحد من الجمع: يا معلم، قل لأخي أن يقاسمني الميراث، فقال له: يا إنسان من أقامني عليكما قاضيًا أو مقسمًا؟ ". لوقا ١٢/١٣، ١٤، وحين علم المسيح: "بأنهم مزمعون أن يأتوا ويخطفوه ليجعلوه ملكًا انصرف أيضًا إلى الجبل وحده". يوحنا ٦/١٥، كما نجد الأناجيل المحرفة تصف المسيح بخلاف صفة الملوك التي يدعونها له حيث إن الأناجيل المحرفة تزعم بأن المسيح قد قبض عليه وضرب وأهين وشتم ثم قتل مصلوبًا. إذن فحقيقة الأمر وواقع الحال في الأناجيل المعتمدة عند النصارى تكذب وتخالف ما ادّعاه لوقا على لسان جبريل ﵇. يضاف إلى ما سبق أن المسيح من أولاد "يهوياقيم" حسب النسب الذي ذكره متى في إنجيله ١/١٠، ١١، وأن أي واحد من أولاد يهوياقيم وسلالته لا يجوز له الجلوس على كرسي داود كما ورد النّصّ بذلك في سفر أرميا ٣٦/٣٠: "لذلك هكذا قال الرّبّ: عن يهوياقيم ملك يهوذا لا يكون له جالس على كرسي داود ... ".
٢ لوقا ٢٢/٤٣، ٤٤.