114

तखजील

تخجيل من حرف التوراة والإنجيل

अन्वेषक

محمود عبد الرحمن قدح

प्रकाशक

مكتبة العبيكان،الرياض

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤١٩هـ/١٩٩٨م

प्रकाशक स्थान

المملكة العربية السعودية

وأعطى الله عهدًا ألا يكف عنهم حتى يغيض ذلك الدم، فلم يغض حتى كاد يستأصل اليهود واستاق السبي معه إلى بابل١. وفيهم أنْزل الله على نبيّه محمّد ﷺ: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَينِ﴾ . [سورة الإسراء، الآية: ٤] . فكانت المرّة الأولى على يد بختنصر٢ بسبب قلتهم نبي الله أشعيا في زمن أرميا النبي ﵇، ثم رد الله إليهم ملكهم، وكانت المرة الثانية على يد خردوش٣ اليوناني بسبب قتلهم يحيى بن زكريا / (١/١٩/ب) وذكر أن بين الوقعتين أربع مائة وإحدى وستون سنة٤.

١ بابل: مدينة قديمة في أواسط ما بين النهرين، تقع أنقاضها على الفرات قرب الحلة، على مسافة ٨٠كم جنوب شرقي بغداد، وقد أطلق اسم بلاد بابل على القسم الجنوبي من بلاد ما بين النهرين لتمييزه عن بلاد آشور. ر: المنجد في الأعلام ص: ١٠٦. ٢ نبوخذ ناصر، نبوخذ نصر: اسم بابلي معناه: "نبو حامي الحدود" ملك بابل. حكم ٦٠٥-٦٥٢ ق. م أخمد ثورة قام بها اليهود في أرض يهوذا وعندما أعادوا الكرة لم يخمد ثورتهم وحسب بل ساق ملكهم وكبراءهم أسرى إلى بابل وهو ما يعرف في تاريخ اليهودية بالأسر البابلي. ر: قاموس ص ٩٥٤-٩٥٥، الموسوعة العربية ٢/١٨٢١. ٣ ذكره الطبري في تاريخه ١/٥٩١ باسم: خردوس وبأنه من ملوك بابل، وفي مروج الذهب ص ٦٣، للمسعودي: أنه حردوس بالحاء المهلة. ويرى د. ف. عبد الرحمن - أستاذ فقه اللغة - أن اسم خردوس إنما هو تحريف لاسم الحارث بالاتينية وهو: ARETAS - نقلًا عن مسودة كتاب الإعلام بأصول الأعلام - تأليف د. ف عبد الرحيم. أما الحارث فهو ملك البتراء، الذي حارب هيرودوس، وهيروديا انتيباس لزواجه بهيروذيا زوجة أخيه فيليس وقيل: إنها ابنة أخيه، وقد كان هيرودس متزوجًا بابنة الحارث من قبل وقد طلقها لذلك، وهيروديا هي التي طلبت من هيردودس رأس يحيى ﵇ لمعارضته هذا الزواج. ر: قاموس ص ٢٨٢. ٤ هذا ما نقله الإمام ابن جرير الطبري في تاريخه ١/٥٩٣، وفي تفسيره ١٥/٢٢-٢٧، ٤١، ٤٢، عن ابن حميد قال: ثنا سلمة، ثني ابن إسحاق قال: فذكره في سياق طويل جدًا. في تفسير قوله تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ . والذي أراه - والله أعلى وأعلم - هو ترجيح ما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. ر: تفسير الدر المنثور للسيوطي ٤/١٦٣، ١٦٥، بأن المُسلَّط على بني إسرائيل لإفسادهم في المرّة الأولى هم جالوت وجنوده الذين اضطهدوا وأذلوا بني إسرائيل يدل على ذلك قولهم - كما حكي القرآن الكريم عنهم حينما طلبوا من نبيّهم أن يبعث الله لهم ملكًا: ﴿وَمَا لَنَا أَلاّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا﴾ . [سورة البقرة، الآية: ٢٤٦] . ثم بعث الله طالوت ملكًا لهم وقتل داود ﵇ جالوت، ورجع إلى بني إسرائيل ملكهم، ثم لما فسدوا المرة الثانية وقتلوا نبيّهم أشعيا، بعث الله عليهم بتختنصر فقتلهم وسبى نساءهم وذراريهم وهدم الهيكل المعروف بـ: هيكل سليمان، وهذا التدمير البابلي هو ما يعرف في تاريخهم بـ: السبي البابلي حيث أجلاهم بختنصر عن بيت المقدس وأخذهم سبيًا إلى بابل. وعندما رجع بعض بني إسرائيل مرة ثانية إلى بيت المقدس في ظل حكم الفرس وأفسدوا بقتلهم زكريا وابنه يحيى، ومحاولة قتل عيسى ﵇ سلط الله عليهم الرومان بقيادة تيطس سنة ٧٠م، ثم بقيادة أدريانوي سنة ١٣٥م، فقتلهم وشردهم في جميع أنحاء البلاد المجاورة، وهكذا كلما عاد اليهود للفساد والإفساد في الأرض تكرر تسليط الله عليهم من يسومهم أشد العذاب تصديقًا لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾ . وهو مستمر فيهم في كل زمان ومكان. حيث سلط الله عليهم المؤمنين فقتلوا وأجلوا بني قينقاع والنضير وقريظة عن المدينة وعن خيبر، كما سلط الله عليهم أيضًا ملوك أروبا في العصور الوسطى و"هتلر" وغيره في العصر الحديث. ونرجو الله أن يسلطنا عليهم بتمسكنا بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ فنسترد أولى القبلتين ونطهر الأرض من رجسهم وسادهم، كما سيسلط الله عليهم المهدي والمسيح ﵇ والمؤمنين إذا ما خرج اليهود مع المسيح الدجال كما ذكر ذلك في أحاديث أشراط الساعة. وأما بالنسبة لتحديد الذين سلطهم الله على بني إسرائيل لفسادهم في الآية الكريمة فالأولى فيه ما قاله الإمام ابن كثير في تفسيره ٣/٢٨: "وفيما قصّ الله علينا في كتابه غنية عما سواه من بقية الكتب قبله، ولم يحوجنا الله ورسوله إليها، وقد أخبر الله عنهم أنهم لما طغوا وبغوا سلط الله عليهم عدوّهم فاستباح بيضتهم وسلك خلال بيوتهم، وأذلهم وقهرهم جزاءً وفاقًا، وما ربّك بظلام للعبيد، فإنهم كانوا قد تمردوا وقتلوا خلقًا من الأنبياء والعلماء".

1 / 135