رسول الله ﷺ، فحصل منها شيء كثير، وأوصى أن يسخن بها الماء الذي يغسل به بعد موته، ففعل ذلك، فكفت، وفضل منها، وله أشعار كثيرة.
وكانت له في مجلس الوعظ أجوبة نادرة، فمن أحسن ما يحكى عنه: أنه وقع النزاع ببغداد بين أهل السنة والشيعة في المفاضلة بين أبي بكر وعلي ﵄، فرضي الكل بما يجيب به الشيخ أبو الفرج، فأقاموا شخصًا سأله عن ذلك، وهو على الكرسي في مجلس وعظه، فقال: أفضلُهما من كانت ابنتُه تحتَه، ونزل في الحال حتى لا يراجع في ذلك.
فقال السنية: هو أبو بكر؛ لأن ابنته عائشة تحت رسول الله ﷺ.
وقالت الشيعة: هو علي بن أبي طالب؛ لأن فاطمة بنتَ رسول الله تحته.
وهذه من لطائف الأجوبة، ولو حصل بعد الفكر التام وإمعان النظر، كان في غاية الحسن، فضلًا عن البديهة، وله محاسن كثيرة يطول شرحها.
كانت ولادته بطريق التقريب سنة ٥٠٨، أو سنة ٥١٠.
وتوفي ليلة الجمعة ثاني عشر رمضان سنة ٥٩٧ ببغداد، ودفن بباب حرب.
والجوزي: نسبة إلى فرضة الجوز، وهو موضع مشهور.
وفي "طبقات ابن رجب": الحافظُ المفسرُ الفقيهُ الواعظ الأديب، شيخُ وقته وإمام عصره، ابن الجوزي، اختُلف في هذه النسبة، وفي سنة مولده وذكرها، وقال: لما ترعرع حملته أمه إلى مسجد الحافظ ابن ناصر، فاعتنى به، وأُسمع الحديث، وحفظ القرآن، وقرأه على جماعة من أئمة القراء، وسمع بنفسه الكثير، وعني بالطلب.
قال ابن الجوزي: كنت ألازم من الشيوخ أعلمَهم، وأوثر من أرباب النقل أفهمَهم، فكانت همتي تجويد العدد، لا تكثير العدد، انتهى.
قال ابن رجب: ووعظ وهو صغير جدًا، وأخذ في التصنيف والجمع، ونظر في جميع الفنون، وألف فيها، وكان أكثر علومه يستفيدها من الكتب، وعظم شأنه في ولاية الوزير ابن هبيرة، وكان يتكلم عنده في داره كل جمعة، قال:
1 / 52