بدأت الحفلات في بيت حفني الوسيمي تضارب حفلات رشدي المهدي، وبدأ حفني نفسه يقضي على رشدي المهدي في صنعته التي عاش عمره كله بها ولها.
وعاد المال ينهمر على حفني وإن كان انهماره من أنهار أخرى، ولكن الرجل لم يكن يعنى أقل عناية بمصادر المال الذي يصل إليه.
وكان شوقي سلام يأتي إلى حفلات حفني بانتظام لا يخطئ، وكان يأتي معه في كل مرة بأربعة نفر تعرف بهم حفني وأدرك بذكائه الخارق أنهم يدبرون شيئا، ولكنه أيضا أدرك بذكائه الخارق أنهم لا يريدونه أنه يعلم عنه شيئا، فصمت وقد فطن أنه لو أظهرهم على ما يحسه فربما امتنعوا عن المجيء.
وفي صباح يوم دق جرس التليفون في بيت عبد الفتاح صدقي الذي أصبح بيت حفني الوسيمي. - أنا شوقي. - أهلا شوقي. - أين ستذهب في الصباح؟ - لا مكان. - إذن فاذهب إلى جروبي. - ولماذا لا تأتي أنت إلى هنا؟ - اسمع ما أقوله ولا تناقش، الساعة الحادية عشرة في جروبي عدلي.
سلام عليكم. - وعليكم السلام. ••• - تذهب إلى أخيك فورا وتطلب منه أن يبيع ما يستطيع من أرض. - ماذا تقول؟ - ما تسمع. - وما الذي يجعله يصدقني؟ - أخوك سياسي وهو يرى الحالة بعين الغيب، وسيعرف أن الكلام ليس تخريفا. - كل أرضه؟ - إن استطاع. - وإن لم يستطع؟ - لا يبقي منها غير خمسمائة فدان، خمسمائة على الأكثر. •••
وقال حلمي باشا: خمسمائة فدان؟ - على الأكثر. - أترى هذا معقولا؟ - اسمح ووكلني واترك الأمر لي. - إنني أملك أكثر من ألف وخمسمائة فدان. - هذا شأني. - تعال غدا خذ التوكيل. •••
ذهب حفني إلى العزبة وصحب معه عدلي. وراحا يبيعان الأرض متظاهرين أن حلمي باشا يريد أن ينقذ أخاه، واستطاعا فعلا أن يبيعا كل ما يزيد عن الخمسمائة فدان، وأحضرا الأموال وسلماها إلى حلمي باشا الذي وضعها في خزانة بيته وانتظر الأحداث.
ولم يطل به الانتظار.
وحين صدر قانون الإصلاح الزراعي الأول كانت الأرض التي يملكها حلمي لا تزيد عما فرضه القانون إلا مائتي فدان استطاع أن يبيعها بسهولة، مطبقا نفس القانون الذي كان يسمح لمن تزيد أرضه عن النصاب أن يبيعها.
الفصل السادس عشر
अज्ञात पृष्ठ