غمر وجهه بغسول الليسترين، وحزم أدوات عنايته الشخصية في منشفته المبللة، ورجع راكضا فرحا صاعدا الدرج ذا السجادة الخضراء الذي تفوح منه رائحة الملفوف وإلى الردهة المؤدية إلى غرفة نومه. مر في منتصف الطريق على مالكة المنزل البدينة التي كانت ترتدي غطاء رأس للمنزل، والتي أوقفت مكنسة سجادها لترمق ساقيه العاريتين النحيفتين أسفل روب الحمام الأزرق بنظرة باردة. «صباح الخير يا سيدة ماجينيس.» «سيكون الطقس شديد الحرارة اليوم يا سيد هيرف.» «أظن ذلك.»
كان ستان مستلقيا في الفراش يقرأ رواية «ثورة الملائكة». «تبا، أود لو كنت أعرف بعض اللغات مثلك يا هيرف.» «أوه، لم أعد أجيد الفرنسية. لقد نسيتها أسرع مما تعلمتها.» «بالمناسبة، لقد أقلت من الكلية.» «كيف ذلك؟» «أخبرني العميد أنه يظن أنه من المستحسن ألا أحضر العام القادم ... شعر أن ثمة مجالات من شأن نشاطاتي أن تكون أكثر همة وفعالية فيها. تعرف مثل هذا الهراء.» «يا له من أمر مؤسف لعين!» «كلا، إنه ليس كذلك، لقد ضحكت حتى كدت ألفظ أنفاسي. سألته لماذا لم يطردني من قبل إن كان قد شعر بذلك. سيستشيط أبي غضبا ... ولكن لدي من المال ما يسمح لي بعدم الرجوع إلى المنزل لمدة أسبوع. لا أهتم البتة على أي حال. صدقا أليس لديك أي شراب؟» «عجبا يا ستان، كيف لعبد فقير الأجر مثلي أن يشتري مخزونا من الخمر بثلاثين دولارا أمريكيا كل أسبوع؟» «هذه غرفة حقيرة للغاية ... كان ينبغي أن تولد رأسماليا مثلي.» «الغرفة ليست بهذا السوء ... ما يجن جنوني هو ذلك الإنذار المذعور في الجهة الأخرى من الشارع الذي يرن طوال الليل.» «ذلك إنذار سرقات، أليس كذلك؟» «لا يمكن أن تكون هناك أي سرقات لأن المكان فارغ. لا بد أن الأسلاك تتداخل أو شيء من هذا القبيل. لا أعلم متى يوقف ولكنه أفقدني رشدي حقا عندما أويت إلى الفراش هذا الصباح.» «حسنا يا جيمز هيرف، أتريد أن تقول لي إنك تعود إلى المنزل غير سكران كل ليلة؟» «يجب أن يكون المرء أصم كي لا يسمع ذلك الشيء اللعين، سكران كان أو غير سكران.» «حسنا، بصفتي حامل سندات ذا جيب منتفخ، أريدك أن تخرج وتتناول الغداء. هل تدرك أنك كنت تتسكع في الحمام لمدة ساعة كاملة؟»
نزلا الدرج الذي فاحت منه رائحة صابون الحلاقة، ثم رائحة ملمع النحاس، ثم اللحم المقدد، ثم شياط الشعر، ثم القمامة وغاز الفحم. «إنك محظوظ للغاية يا هيرف إذ لم تذهب إلى كلية قط.» «ألم أتخرج في كولومبيا أيها الرجل المهم، ذلك أكبر مما يمكنك فعله؟»
انقض ضوء الشمس لاسعا وجه جيمي عندما فتح الباب. «ذلك لا يحسب.»
صاح جيمي: «يا إلهي، أحب الشمس، وددت لو كانت كولومبيا الحقيقية ...» «هل تعني كولومبيا التي في نشيد «تحيا كولومبيا»؟» «لا، بل أعني مدينة بوجوتا ونهر أورينوكو وكل هذه الأشياء.» «أعرف رفيقا جيدا ذهب إلى بوجوتا. اضطر للشرب بغزارة كي لا يموت بداء الفيل.» «أنا مستعد للمخاطرة بالإصابة بداء فيل، والطاعون الدملي، والحمى المبقعة للخروج من هذه الحفرة.» «إنها مدينة العربدة ، والتسكع، والمرح ...» «تبا للعربدة، كما نقول في شارع 133 ... هل تدرك أنني عشت طوال حياتي في هذه المدينة اللعينة باستثناء أربع سنوات في طفولتي، وأنني ولدت هنا وعلى الأرجح سأموت هنا؟ ... أفكر في أن ألتحق بالبحرية وأن أرى العالم.» «ما رأيك في السيارة دينجو في طبقة طلائها الجديدة؟» «رائعة للغاية، تبدو كمرسيدس بامتياز تحت الغبار.» «أردت أن أدهنها باللون الأحمر كسيارات الإطفاء، غير أن عامل المرأب أقنعني في النهاية بطلائها بالأزرق كسيارات الشرطة ... هل تمانع أن نذهب إلى موكين وأن نحتسي كوكتيل أفسنتين؟» «أفسنتين على الإفطار ... يا إلهي!»
سارا بالسيارة بمحاذاة شارع 23 الذي يلمع بألواح من الضوء المنعكس من النوافذ، وبأشكال عربات التوصيل المستطيلة، ومعدات النيكل التي تتخذ شكل العدد ثمانية. «كيف حال روث يا جيمي؟» «إنها على ما يرام. ولكنها لم تحصل على عمل بعد.» «انظر، هناك سيارة دايملر.»
هدر جيمي بصوت خافت. عندما انعطفا إلى الجادة السادسة أوقفهما شرطي.
وصاح: «قاطع التيار في سيارتك.» «أنا في طريقي إلى المرأب لإصلاحه. وخافض الصوت مفكوك.» «من الأفضل أن تفعل ذلك ... ستحصل على مخالفة في المرة القادمة.»
قال جيمي: «مرحى، لقد نفذت بجلدك يا ستان ... في كل شيء. لا يمكنني مطلقا أن أهرب من شيء حتى وأنا أكبر منك بثلاث سنوات.» «إنها موهبة.»
انتشرت في المطعم رائحة مبهجة من مزيج البطاطس المقلية مع الكوكتيلات والسيجار مع الكوكتيلات. كان المكان حارا ومليئا بالمحادثات والوجوه المتعرقة. «ولكن يا ستان لا تدر عينيك في إيماءة رومانسية عندما تسأل عن روث وعني ... فما نحن سوى صديقين مقربين.» «صدقا لم أعن أي شيء، ولكني آسف لما تقول على الرغم من ذلك. أظن أنه أمر فظيع.» «روث لا تهتم بأي شيء سوى تمثيلها. إنها مهووسة للغاية بالنجاح، وتمتنع عن أي شيء آخر.» «لماذا بحق السماء يريد الجميع تحقيق النجاح؟ أرغب في مقابلة شخص يريد أن يفشل. ذلك هو الشيء السامي الوحيد.» «لا ضير في الأمر إن كان لك دخل مريح.» «ذلك كله هراء ... يا إلهي، هذا كوكتيل رائع . أظن أنك يا هيرفي الشخص العاقل الوحيد في هذه المدينة. فليس لديك أي طموح.» «كيف لك أن تعرف أنه ليس لدي طموح؟» «ولكن ما الذي ستفعله بالنجاح عندما تحققه؟ لا يمكنك أن تأكله أو تشربه. أفهم بالطبع أن الأشخاص الذين لا يملكون المال الكافي لإطعام أنفسهم وما إلى ذلك عليهم أن يسعوا ويحصلوا على المال. ولكن النجاح ...» «مشكلتي أنني لا أستطيع أن أقرر ما أريده أكثر؛ لذلك فأنا أدور حول نفسي في حركة بائسة ومثبطة على نحو مربك.» «أوه، ولكن الرب قد اتخذ القرار عنك. أنت تعرف ذلك طوال الوقت، ولكنك لا تعترف لنفسك بذلك.» «أظن أن أكثر ما أريده هو أن أخرج من هذه المدينة، وأفضل أولا أن أضع قنبلة أسفل مبنى التايمز.» «حسنا، لم لا تفعل ذلك؟ ما هي إلا خطوات متتابعة.» «ولكن عليك أن تعرف في أي اتجاه تسير.» «هذا آخر ما يهم.» «ثم يلزمني المال.» «عجبا، المال هو أسهل شيء يمكنك الحصول عليه في العالم.» «ذلك للابن الأكبر لإيميري وإيميري.» «ويحك يا هيرف، ليس من العدل أن تذكر ظلم والدي في وجهي. تعلم أنني أكره هذا الأمر مثلك تماما.» «لا ألومك يا ستان؛ أنت ابن محظوظ لعين، هذا كل ما في الأمر. بالطبع أنا محظوظ أيضا، محظوظ بشدة أكثر من غالبية الناس. فقد دعمتني الأموال التي تركتها أمي حتى أصبحت في الثانية والعشرين من عمري، ولا يزال معي بعض المئات ادخرتها للأيام العصيبة، وسيحصل لي زوج خالتي، عليه اللعنة، على وظائف جديدة عندما أطرد من عملي.» «با، با، الخروف الأسود.» «أظن أنني أخاف حقا من أقاربي ... يجب أن ترى ابن خالتي جيمس ميريفال. لقد فعل كل ما كان يملى عليه أن يفعله طوال حياته وازدهر حاله كشجرة غار خضراء ... إنه نموذج الحصور الحكيم.» «آه، أظن أنك أحد هؤلاء الحصورين الحمقى.» «لقد لعب الشراب برأسك يا ستان، وبدأت تتحدث كالزنوج.» «با، با.» أنزل ستان منديل المائدة ورجع إلى الخلف يضحك وقد بح حلقه.
अज्ञात पृष्ठ