نظر بود إلى الرأس الكبير ذي الشعر المجعد المعلق على الشماعة المواجه له.
واصل الصوت بهدوء: «هذا مكان كريه مليء بالحشرات لعين.» «سأخبر الجميع ... ومقابل 40 سنتا! يمكنهم الاحتفاظ بفندق بلازا خاصتهم و...» «هل لك فترة طويلة في المدينة؟» «سأكون قد أتممت 10 سنوات بحلول أغسطس.» «يا للهول!»
جاء صوت متحشرج من صف التخوت: «كفا عن المزاح أيها الشابان، أين تظنان أنفسكما، في نزهة يهودية؟»
أخفض بود صوته، قائلا: «هذا مضحك ، لقد كنت أتوق طيلة أعوام للمجيء إلى هذه المدينة ... لقد ولدت ونشأت في مزرعة بشمال البلاد.» «لم لا ترجع؟» «لا يمكنني الرجوع.» كان بود يشعر بالبرد، وأراد أن يتوقف عن الارتجاف. سحب البطانية لأعلى إلى ذقنه واستدار مواجها الرجل الذي كان يتحدث. «أقول لنفسي في كل ربيع إنني سأسافر مرة أخرى، وسأذهب إلى الخارج وأستقر بين الحشائش والعشب والأبقار التي ترجع إلى المنزل في وقت حلبها، ولكني لا أفعل، بل أنتظر فحسب.» «ماذا فعلت في كل هذا الوقت في المدينة؟» «لا أدري ... اعتدت الجلوس في يونيون سكوير معظم الوقت، ثم أصبحت أجلس في ميدان ماديسون. ذهبت كذلك إلى هوبوكين، وجيرسي، وفلاتبوش، والآن أنا متشرد في بويري.» «يا إلهي، أقسم أنني سأغادر هذا المكان غدا. إنني فزع هنا. فهناك الكثير من رجال الشرطة والمحققين في هذه المدينة.» «يمكنك العيش من الصدقات ... ولكن خذها نصيحة مني يا بني وارجع إلى المزرعة وإلى أهلك عندما تجد فرصة جيدة لذلك.»
قفز بود من التخت وجذب كتف الرجل بقوة. «تعال هنا في الضوء، أريد أن أريك شيئا.» تردد صوت بود على نحو غريب في أذنيه. مشى بخطوات كبيرة بمحاذاة صف التخوت ذي الشخير. نهض المتشرد، الذي كان رجلا يعرج له شعر ولحية مجعدان بيضهما الطقس، وعينان كما لو كانتا قد دقتا بمطرقة في رأسه، من أسفل البطانية في كامل ثيابه وتبعه. أسفل الضوء، فك بود أزرار لباسه الداخلي الطويل المكون من قطعة واحدة وسحبه من ذراعيه وكتفيه الهزيلين ذوي العضلات المليئة بالعقد. «انظر إلى ظهري.»
همس الرجل ممررا يده المتسخة ذات الأظافر الصفراء فوق كتلة من الندوب البيضاء والحمراء المحفورة عميقا. «لم أر شيئا كهذا من قبل.» «هذا ما فعله بي الرجل الهرم. كان يجلدني لمدة 12 سنة عندما يخطر بباله أن يفعل ذلك. اعتاد تعريتي وضربي بسلسلة خفيفة على ظهري. قالوا إنه أبي لكنني أعلم أنه ليس كذلك. هربت عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري. كان ذلك عندما أمسك بي وبدأ يجلدني. وأنا الآن في الخامسة والعشرين.»
رجعا دون أن ينبسا بحرف إلى تختيهما واستلقيا.
استلقى بود محدقا في السقف وجاذبا البطانية إلى عينيه. عندما نظر لأسفل ناحية الباب في نهاية الغرفة، رأى رجلا يجلس هناك يرتدي قبعة دربية ويضع سيجارا في فمه. سحق شفته السفلى بين أسنانه حتى لا يصرخ. عندما أعاد النظر كان الرجل قد رحل. همس: «اسمع، أما تزال مستيقظا؟»
أصدر المتشرد صوت نخير. «كنت سأخبرك. لقد دهست رأسه بمعول، دهسته كما تركل يقطينة فاسدة. قلت له أن يتركني وشأني ولكنه لم يستجب ... كان رجلا متدينا قاسيا وأرادني أن أخاف منه. كنا نحصد السماق من المرعى القديم لنزرع البطاطس ... تركته ممددا على الأرض حتى الليل ورأسه مدهوس كيقطينة عطنة. وقد أخفاه عن الطريق بعض الشجيرات بمحاذاة السياج. ثم دفنته ورجعت إلى المنزل وأعددت لنفسي قدحا من القهوة. لم يكن يسمح لي قط بتناول القهوة. قبل شروق الشمس، استيقظت وسرت في الشارع. وكنت أقول لنفسي إنه في مدينة كبيرة، سيكون أمر العثور علي كإيجاد إبرة في كومة من القش. كنت أعلم بالمكان الذي كان يحتفظ فيه الرجل الهرم بماله؛ فقد كان في لفة في حجم رأسك، ولكني خفت أن آخذ أكثر من 10 دولارات أمريكية ... ألا تزال مستيقظا؟»
أصدر المتشرد صوت نخير. «كنت في طفولتي أرافق ابنة الرجل الهرم من عائلة ساكيت. اعتدت أنا وهي اصطحاب بعضنا في مخزن ثلج الرجل الهرم في غابات ساكيت، واعتدنا الحديث عن الكيفية التي نذهب بها إلى نيويورك ونصبح أثرياء، والآن أنا هنا ولا يمكنني الحصول على عمل أو التخلص من خوفي. هناك محققون يتبعونني في كل مكان، رجال يرتدون قبعات دربية ويضعون شارات أسفل معاطفهم. أردت ليلة أمس أن أصطحب مومسا، فرأت الخوف في عيني ورفضت الذهاب معي ... كان بإمكانها أن تراه في عيني.» كان يجلس على حافة التخت، مائلا، ومتحدثا في وجه الرجل الآخر بهمس مهسهس. أمسكه المشرد فجأة من معصميه. «اسمع يا فتى، سيصيبك الجنون إن ظللت هكذا ... هل حصلت على أي نقود؟» أومأ بود. «من الأفضل أن تعطيها لي كي أحتفظ لك بها. إنني رجل خبير وسأخرجك من هنا. ارتد ملابسك، وسر في المربع السكني إلى مطعم رخيص وكل جيدا. كم معك؟» «باقي فكة دولار.» «أعطني ربع دولار واشتر كل ما يمكنك الحصول عليه من طعام بالباقي.» ارتدى بود بنطاله وأعطى الرجل ربع الدولار. «ثم ارجع إلى هنا ونم جيدا، وسنذهب أنا وأنت غدا شمال البلاد ونأخذ لفافة الأموال تلك. أقلت إنها في حجم رأسك؟ ثم سنذهب إلى حيث لا يمكن لأحد الإمساك بنا. سنقتسمها النصف بالنصف. هل توافق؟»
अज्ञात पृष्ठ