ظهرت الأم على سطح السفينة يرفرف غطاء رأسها البني. «ها هو معطفك يا جيمي، عليك أن تحمله.» «هل يمكنني أن أخرج ذلك العلم يا أمي؟» «أي علم؟» «علم أمريكا الحريري.» «لا يا عزيزي، نضعه جانبا.» «أرجوك، أريد هذا العلم لأننا في الرابع من يوليو وهكذا.» «لا تعو يا جيمي. عندما تقول أمك لا فهذا يعني لا.»
تلسعه الدموع؛ فيتجرع غصة في حلقه وينظر لأعلى إليها. «جيمي، لقد وضعناه جانبا في حزام الشالات وأنا متعبة جدا من جلبة تلك الحقائب اللعينة.» «لكن بيللي جون يمسك واحدا.» «انظر يا عزيزي، هناك أشياء تفوتك ... ها هو هناك تمثال الحرية.» تقف امرأة خضراء طويلة ترتدي معطفا على جزيرة رافعة يدها. «ما ذلك الذي في يدها؟» «تلك شعلة يا عزيزي ... فالحرية تنور العالم ... وهناك جزيرة جوفرنرز على الجهة الأخرى. هناك حيث الأشجار ... وانظر، ذلك هو جسر بروكلين ... إنه منظر جميل. وانظر إلى جميع أحواض السفن ... تلك هي باتري بارك ... والصواري والسفن ... وها هي قمة كنيسة ترينيتي ومبنى بوليتزر.» ... يصفر خوار القارب البخاري، والعبارات حمراء ومؤكسدة كالبط الذي يزبد الماء الأبيض، وتدفع قافلة كاملة من السيارات على صندل يدفعه زورق قطر داخله، ما يخرج عنه نفثات بخار كالقطن متساوية الحجم جميعها. يدا جيمي باردتان ويئز من داخله. «يجب ألا تتحمس أكثر من اللازم يا عزيزي. انزل وانظر إذا ما كانت أمك قد تركت أي شيء في مقصورتنا الخاصة.»
شريط من الماء تعلوه الشظايا، وصناديق البقالة، وقشر البرتقال، وأوراق الملفوف يضيق أكثر فأكثر بين القارب والحوض. تلمع فرقة للآلات النحاسية في ضوء الشمس، حيث قبعاتهم البيضاء ووجوههم الحمراء المتعرقة، عازفين أغنية «يانكي دودل». «هذا للسفير، ذلك الرجل الطويل الذي لا يغادر مقصورته مطلقا.» انزل المعبر المائل، وانتبه ألا تزل. «ذهب يانكي دودل إلى المدينة» ... وجه أسود لامع، وعينان مكحلتان براقتان، وأسنان مصقولة بيضاء. «أجل سيدتي، أجل سيدتي» ... «يغرز ريشة في قبعته، ويسميها طرازا ماكارونيا» ... «نتمتع بحرية التنقل في الميناء.» يظهر ضابط يرتدي زيا أزرق رأسا أصلع منحنيا لأسفل ... «تومتي بوم بوم بوم بوم ... كعك وسكاكر» ... «ها هي الخالة إيميلي والجميع ... كم لطيف أنك أتيت يا عزيزتي!» «أنا هنا منذ الساعة السادسة يا عزيزتي!» «يا إلهي، كم كبر!»
الفساتين الخفيفة، ولمعة دبابيس الزينة، والوجوه التي حشرت في وجه جيمي، ورائحة الورود وسيجار زوج الخالة. «يا له من رجل صغير بحق! تعال يا سيدي، دعني أنظر إليك.» «وداعا إذن يا سيدة هيرف. إن جئت يوما في طريقنا ... جيمي، لم أرك تقبل الأرض أيها الشاب.» «أوه، إنه مرح جدا، ناضج للغاية ... يا له من طفل ناضج!»
سيارة الأجرة رائحتها عفنة، وتنطلق مدمدمة ومترنحة في جادة واسعة يحوم فيها الغبار، عبر شوارع من الطوب كريهة الرائحة ومليئة بالأطفال المتسخين الصارخين، وفي أثناء كل ذلك يصدر صندوق السيارة صريرا. «أمي حبيبتي، لا تظنين أنها ستنقلب، أليس كذلك؟»
تضحك مميلة رأسها إلى أحد جوانبه، وتقول: «لا يا عزيزي.» وجنتاها ورديتان وعيناها تتلألآن تحت غطاء رأسها البني. «أوه يا أمي.» يقف ويقبلها على ذقنها. «يا لهم من أناس كثيرين يا أمي!» «ذلك لأننا في الرابع من يوليو.» «ماذا يفعل ذلك الرجل؟» «لقد كان يشرب يا عزيزي للأسف.»
من منصة صغيرة ملفوفة بالأعلام، يلقي خطابا رجل ذو شارب أبيض وحمالات حمراء صغيرة فوق قميصه الذي لا يرتدي أي شيء فوقه. «إنه خطيب الرابع من يوليو ... إنه يقرأ إعلان الاستقلال.» «لم؟» «لأننا في الرابع من يوليو.»
بووم! ... تلك مفرقعة مدفعية. «ربما أخاف ذلك الولد اللعين الحصان ... الرابع من يوليو يا عزيزي هو اليوم الذي وقع فيه إعلان الاستقلال في عام 1776 في أثناء حرب الاستقلال. لقد قتل جدي الأكبر هارلاند في تلك الحرب.»
يصلصل فوق الرءوس قطار صغير مرح ذو محرك أخضر. «تلك هي السكة الحديدية المرتفعة ... وانظر هذا هو شارع 23 ... ومبنى فلاتيرون.»
انعطفت سيارة الأجرة بحدة إلى ميدان يغمره ضوء الشمس، وتفوح منه رائحة الأسفلت والحشود، وتوقفت أمام باب طويل حيث يركض للأمام رجال ملونون بأزرار نحاسية. «وها نحن عند فندق الجادة الخامسة.»
अज्ञात पृष्ठ