توقفا أمام حوض الأسماك لدقيقة للنظر أسفل الخليج. كانت العبارة ذات زورق القطر المنبعث منها دخان أبيض أمام كلا قوسيها محاذية لهما وتعلو فوق العبارات والقوارب. دارت النوارس وصاحت. وألقت الشمس بنورها السمني على الأسطح العليا للقوارب وعلى الأقماع الصفراء الكبيرة ذات الأغطية السوداء. من الصاري الأمامي، رفرف شريط من الأعلام الصغيرة متبخترا أمام السماء الأردوازية. «وهناك الكثير من الأشخاص الآتين من الخارج على ذلك القارب، أليس كذلك يا أبي؟» «انظري، يمكنك أن تري ... أسطح القوارب سوداء من كثرة الناس.» •••
مشى بود كوربينينج عبر شارع 53 من إيست ريفر، ليجد نفسه واقفا بجوار كومة من الفحم على الرصيف. على الجهة الأخرى من كومة الفحم، كانت هناك امرأة بشعر أشيب ترتدي قميصا نسائيا مكشكشا من الدانتيل وتضع مشبكا ورديا كبيرا ذا نقش بارز على انحناء صدرها المرتفع، وكانت تنظر إلى ذقنه غير المحلوق وإلى معصميه اللذين تدليا عاريين من أسفل كمي معطفه الباليين. ثم سمع نفسه يتحدث، قائلا: «ألا تظنين أنه بإمكاني أن أحمل لك هذه الشحنة من الفحم على ظهري يا سيدتي؟» حول بود ثقله من إحدى قدميه إلى الأخرى.
قالت المرأة بصوت أجش: «هذا تماما ما يمكنك فعله. فقد تركه رجل الفحم البائس هذا الصباح وقال إنه سيعود لإدخاله. أظنه سكيرا كبقيتهم. ترى، هل يمكنني الوثوق بك في المنزل.»
قال بود متلعثما: «أنا من شمال البلاد يا سيدتي.» «من أي منطقة؟» «من كوبرستاون.» «هممم ... أنا من بافلو. إن هذه بالتأكيد مدينة لكل من ينتمي إلى أي مكان آخر ... حسنا، ربما تكون متورطا في إحدى السرقات، ولكن ما باليد حيلة فأنا أريد وضع ذلك الفحم بالداخل ... ادخل أيها الرجل، سأعطيك مجرفة وسلة وإذا لم توقع أيا من الفحم في المدخل أو على أرضية المطبخ؛ لأن عاملة التنظيف غادرت لتوها ... بالطبع لا بد أن يأتي الفحم عندما تكون الأرضية نظيفة ... فسأعطيك دولارا.»
عندما أحضر الدفعة الأولى، كانت تجول في أنحاء المطبخ. جعلته معدته الجوفاء المتشققة جوعا يتأرجح دائخا، ولكنه كان سعيدا بالعمل بدلا من جر قدميه بلا نهاية على الأرصفة وعبر الشوارع متحاشيا العربات والترام.
سألته عندما رجع لاهثا بالسلة الفارغة: «كيف لم تحصل على عمل منتظم أيها الرجل؟» «أظن لأنني لم أستوعب طرق المدينة بعد. فقد ولدت ونشأت في مزرعة.» «ولماذا أردت أن تأتي إلى هذه المدينة المروعة؟» «لم أتمكن من البقاء في المزرعة أكثر من ذلك.» «من المفزع ما سيئول إليه هذا البلد إذا ترك جميع الشباب اليافعون الأقوياء المزارع وأتوا إلى المدن.» «ظننت أنه بإمكاني أن أحصل على عمل في الميناء يا سيدتي، ولكنهم يتخلصون من الرجال على أرصفة الميناء. ربما يمكنني أن أعمل بحارا، ولكن لا أحد يريد عديمي الخبرة ... لم أتناول شيئا منذ يومين.» «كم هذا فظيع ... لم لم تذهب أيها الرجل المسكين إلى أحد مقار الإرساليات المسيحية أو شيء من هذا القبيل؟»
عندما أدخل بود الدفعة الأخيرة، وجد طبقا من اليخنة الباردة في ركن طاولة المطبخ، ونصف رغيف من الخبز الفاسد، وكوبا من الحليب الذي كان حامضا بعض الشيء. أكل على عجل وبالكاد كان يمضغ الطعام، ووضع آخر قطعة من الخبز الفاسد في جيبه. «حسنا، هل استمتعت بغدائك البسيط؟» «شكرا يا سيدتي.» أومأ وفمه ممتلئ بالطعام. «إذن، يمكنك الذهاب الآن وشكرا جزيلا لك.» وضعت ربع دولار في يده. نظر بود بعينين طارفتين للربع دولار في راحة يده. «ولكنك يا سيدتي قلت إنك ستعطينني دولارا.» «لم أقل مطلقا شيئا كهذا. غير معقول ... سأحضر زوجي إذا لم تخرج من هنا فورا. في الواقع، أنا أفكر في إبلاغ الشرطة لأن ...»
وضع بود الربع دولار في جيبه دون أن ينبس ببنت شفة وجر قدميه خارجا.
سمع نخير المرأة وهو يغلق الباب خلفه، قائلة: «يا له من جحود!»
كانت التقلصات تزداد حدة في معدته. توجه شرقا مرة أخرى، وسار على طول المربعات السكنية إلى النهر وقبضتاه ضاغطتان بشدة أسفل أضلعه. توقع أن يتقيأ في أي لحظة . لن يفيدني في شيء أن أتقيأ. عندما وصل إلى نهاية الشارع، استلقى على منحدر نفايات رمادي بجوار الرصيف. تسربت رائحة جنجلات ثخينة كالعصيدة وحلوة من مصنع الجعة خلفه المدوي صوته. اشتعل ضوء غروب الشمس في نوافذ المصانع على جانب لونج آيلند، وومض في فتحات إضاءة زوارق القطر، واستلقى في مساحة شاسعة ملونة باللونين الأصفر والبرتقالي المتجعدين فوق المياه المتسارعة الخضراء المائلة إلى اللون البني المتوهج فوق الأشرعة المنحنية لمركب شراعي كان يكتسح المد ببطء داخلا إلى مضيق هيل جيت. خفت حدة الألم بداخله. اشتعل شيء وتوهج عبر جسده كتسرب ضوء غروب الشمس. جلس. شكرا للرب، لن أتقيأ. •••
अज्ञात पृष्ठ