कुरान के बैनर तले
تحت راية القرآن
प्रकाशक
المكتبة العصرية-صيدا
प्रकाशक स्थान
بيروت
शैलियों
दर्शनशास्त्र और धर्म
وأتقن، ثم جعل يرتصد اليوم الذي يجيش فيه البركان ليعمر ما يخربه ويسد
مَعاقِرَ أهل المدينة بعلمه وفضله؛ فلما كان اليوم الموعود لطف الله من لُطفه
ليُخرج للناس الموعظة من هذا الحُمق، فهاج البركان غير طويل وشعَّث من
ههنا وههنا، ثم كظم على ما في قلبه فلم يدمر إلا ربع المدينة وبقي سائرها
قائمًا على نعمة وعلى سلامة وفي أمن ورضا؛ فقال "المهندس" لنفسه: إحدى لياليكِ فهِيسي هيسي (١) !
وذهب ليعمر ما خرب صاحبه، فلما جاء تحت قواعد
المدينة هز أنقاض البيوت الخربة ليعيدها بزعمه قائمة فما زاد على أن هدم كل البيوت القائمة فأرجعها خربة، وأتلفَ البركان المفسد رُبعَ المدينة وهدم
المهندس المصلحُ. . . ثلاثة أرباعها.
فانظر يا دمنة، إنه الجوهر والأصل لا الظاهر والحلية، وإنه العمل لا
القول، وإانه الطبع لا الرأي، وإن الفاسد إذا كان معلمًا فوجد طلابًا يهديهم كان كالزلزال إذا صار مهندسًا فوجد بيوتًا يصلحها!. -
* * *
وننظر الآن إلى كلام مدير الجامعة، فإنا لا تعجبنا هذه السفسطة من هذا
الأستاذ الفاضل، وما هو وحده الرجل الذكي ولا البليغ المتكلم، وكان ينبغي لمثله أن يتنزه عن مثل هذا، فإنا لنعلم أن من الكلام كلامًا يأمر الناس وهو في أسلوب النصيحة، ويُكرههم على انتحال أخد الرأيين وهو على طريق التخيير بينهما جميعًا، كبعض ما يسمى في عرف السياسة مذكرة وهو إنذار، أو إنذَارًا وهو حرب.
فكلام مدير الجامعة "مذكرة" للبرلمان أو في أسلوبها أو في
غايتها، ولكن يا سيدي المدير، قد كان لزلة الجامعة عذر يسعُها؛ حتى أصررت أنت وكابرت وازدريت الأمة وعلماءها وقبلتَ على الجامعة من الأراجيف والأقوال والتهم ما لا يَقبل ذو عمل على عمله، فلم تَسع الجامعة عذرًا بعد.
ولقد أصفقَت الأمةُ كلها على أن إفساد الأدب والتاريخ والتهكم بالدين
وما جرى هذا المجرى - ليس شيئًا منها يسمى علمًا، فإذا كان علمًا عندك وعند شيعتك فما هو من حاجتها وليس لك أن تُكرهها عليه ولا أن تعدوَ رغبتها فيه.
ثم انعقد الإجماع أو ما يسممى الرأي العام على أن هذه الجامعة مفسدة تناولت
(١) مثل عربي من قول القائل يخاطب إبله:
إحدى لياليك فهيسي هيسي. . . لا تنعمي الليلة بالتعريس
يضرب للرجل يأتي من الأمر ما يحتاج فيه إلى الجد والهمة.
1 / 235