في علوم الرياضة قال: لقد أتقنت علوم الرياضة بالديار المصرية وبدمشق، تاقت نفسي إلى الاجتماع بالشيخ كمال الدين، لما كنت أسمع من تفرده بهذه العلوم، فسافرت إلى الموصل قصدًا للاجتماع، فلما حضرت في مجلسه وخدمته وجدته على حلية الحكماء المتقدمين، وكنت قد طالعت أخبارهم وحلاهم فسلمت عليه، وعرفته قصدي له للقراءة عليه فقال لي: في أي العلوم تريد تشرع؟ فقلت: في الموسيقى، فقال: مصلحة هو، فلي زمان ما قرأه علىَّ أحد، أوثر مذاكرته وتجديد العهد فشرعت فيه، ثم في غيره حتى شققت عليه أكثر من أربعين كتابًا في مقدار ستة أشهر، وكنت عارفًا بهذا الفن، لكن كان غرضي الانتساب في القراءة إليه، وكان إذا لم أعرف المسألة أوضحها لي، وما كنت أجد من يقوم مقامه في ذلك، وقد أطلت الشرح في نشر علومه، ولعمري لقد اختصرت.
ولما توفي أخوه الشيخ عماد الدين (١) محمد المتقدم ذكره، تولى الشيخ المدرسة العلائية موضع أخيه، ولما فتحت المدرسة القاهرية تولاها ثم تولى المدرسة البدريَّة في ذي الحجة سنة ٦٢٠ هـ، وكان مواظبًا على إلقاء الدروس والإِفادة وحضر في بعض الأيام دروسه جماعة من المدرسين أرباب الطيالس وكان العماد أبو علي عمر بن عبد النور بن يوسف الصنهاجي (٢)
_________
= مهندس، ولد بأسفون من صعيد مصر سنة ٥٧٤ هـ. أقام بحماة وبنى بها أبراجًا فلكيةً وطاحونًا على نهر العاصي، وتولى نظر الدواوين بالقاهرة، ومات بدمشق سنة ٦٤٩ هـ.
ترجم له: الطالع السعيد ص ٢٥٩، الأعلام ٦/ ٦٢.
(١) هو عماد الدين محمد بن يونس بن محمد بن منعة بن مالك لأربلي أبو حامد، ولد سنة ٥٣٥ هـ بالموصل تفقه على والده. ثم رحل إلى بغداد، وتفقه على السديد السلماسي وغيره، وعاد للموصل ودرس بعدة مدارس فيها. له المحيط في الجمع بين المهذب والوسيط وشرح الوجيز وكتاب التحصيل في الجدل، ولي القضاء وتوفي سنة ٦٠٨ هـ بالموصل.
ترجم له: البداية والنهاية ١٣/ ٦٢، شذرات الذهب ٥/ ٣٤، العبر ٥/ ٢٨، مرآة الجنان ٤/ ١٦، هداية العارفين ٢/ ١٠٨، وفيات الأعيان ٣/ ٣٨٥، طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي ٨/ ١٠٩.
(٢) هو عمر بن عبد النور بن ماخوخ بن يوسف أبو علي الصنهاجي اللزبي النحوي، قدم مصر ورحل إلى الموصل ولازم كمال الدين بن يونس.
ترجم له: بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي ٢/ ٢٢٠.
1 / 44