﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾
بقلم
الدكتور محمد عبد الرحمن شميلة الأهدل
جامعة الطائف
الحمد لله رب العالمين، حمدًا لا انقطاع له على الدوام، حمدًا يوافي نعمه، ويدافع نقمه، ويكافئ مزيده، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، من رفع أهل الذكر إلى المحل الأسمى، وصيَّرهم مرجع الأمة إذا ادلهمت سحب المشكلات، وأمر بسؤالهم إذا جَدَّت معضلة من المعضلات، فقال جل وعلا: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
وحض سبحانه على الرحلة من أجل التفقه في الدين، فقال جل وعزَّ: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾.
والصلاة والسلام على البشير النذير، السراج المنير، محمد بن عبد الله، خاتم رسل الله، وصاحب الحوض المورود، والمقام المحمود، والشفاعة والجود، الذي جعل التفقه في الدين من إرادة الله لصاحبه الخير؛ فقال: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" (١)، وعلى آله الأطهار، وصحابته أسد الغابة الأبرار، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين".
أما بعد:
فإن من أجلِّ الطاعات، وأشرف القربات: الاشتغال بعلم الفقه؛ تعلمًا وتعليمًا، وتفهمًا وتفهيمًا، فمن أخذ به .. فقد أخذ بحظ وافر؛ لأنه زبدة المصدَرَين النيرين، وخلاصة أفكار الأئمة المجتهدين، وطريق السلف الصالح في كل عصر ومصر، ويرحم الله ابن الوردي إذ قال (٢): (من الرمل)
اُطْلُب العلمَ ولا تكسَلْ فما ... أَبعدَ الخيرَ على أهل الكَسَل
واحتفِل للفقه في الدين ولا ... تشتغِل عنهُ بمال وخَوَلْ
لا تقُلْ قد ذهَبتْ أربابُهُ ... كل من سارَ على الدرب وَصل
ولقد قيض الله تعالى لحفظ الشريعة الغراء أعلامًا موهوبين، وأفذاذًا مخبتين موفقين، وعلماء مخلصين، فأقام بهم معالم الدين، وأنفقوا أعمارهم في سبيل تشييد قواعده، وتثبيت دعائمه.
_________
(١) صحيح البخاري (٧١)، وصحيح مسلم (١٠٣٧) عن سيدنا معاوية ﵁.
(٢) شرح لامية ابن الوردي (ص ٣٤).
1 / 7