126

والجواب، وبالله التوفيق: إن الجهمية تحتاج إلى التفسير، وقد قال الشهرستاني في الملل والنحل ( ج 1 ص 109 ): الجهمية أصحاب جهم بن صفوان، وهم من الجبرية الخالصة، ظهرت بدعته بترمذ وقتله سالم بن أحوز المازني بمرو في آخر ملك بني أمية، ووافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية وزاد عليهم بأشياء، منها قوله: لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه ، لأن ذلك يقتضي تشبيها، فنفى كونه حيا عالما، وأثبت كونه قادرا فاعلا خالقا، لأنه لا يوصف شيء من خلقه بالقدرة والفعل والخلق. ومنها إثباته علوما حادثة للباري تعالى لا في محل.. إلى آخر ما حكاه، وأظنه غير صحيح، ولكن لعل هذا التفسير هو مطابق لمراد أبي بكر المدافع عن أبي هريرة، وهو يعني أن من نزه الله تعالى عن مشابهة المخلوقين فهو جهمي إذا حقق تنزيه الله سبحانه عن مشابهة المخلوقين، ورد ما يخالف ذلك من حديث أبي هريرة تنزيها لله سبحانه، أما إذا نفى التشبيه لفظا بلا اعتقاد ولا تحقيق فهو يثبت التشبيه في المعنى مع نفيه له في اللفظ، فهذا ليس جهميا. فقول أبي بكر: « خلاف مذهبهم الذي هو كفر » إن أراد به هذا فليس كفرا، وإن أراد به ما نسبه الشهرستاني إلى جهم غير ذلك كنفي كونه تعالى حيا عالما فلا إشكال أن هذا كفر، ولعله قاله الشهرستاني إلزاما لجهم، وتخريجا على قوله: « لا يوصف الباري بصفة يوصف بها خلقه ».

पृष्ठ 129