وأيضا فإنه لا يجوز الاستعانة بالجن ولا غيرهم على ما هو ظلم، ولا يجوز ظلم الجن ولا الإنس، ولا يجوز لأحد أن يحكم في أحد من الجن والإنس إلا بحكم الله ورسوله. فإذا قدر أن المصروع لا يبرأ إلا بما فيه ظلم لغيره وعدوان عليه، لم يجز ذلك.
وهؤلاء يزعم أحدهم أنه يقتل الجن ويحرقهم بالنار، والنار لا يعذب بها إلا رب النار (¬1)، ومذهب الأئمة الأربعة أنه لا يجوز لنا أن نعذب بالنار ابتداء، لكن على سبيل المقابلة في أحد قولي العلماء؛ فإذا حرق شخص شخصا حرق في مذهب الشافعي، وأحمد في إحدى الروايتين عنه.
وهل يجوز رمي الكفار بالنار لغير ضرورة ولا مقابلة (¬2)؟ فيه قولان مشهوران للعلماء، هما روايتان عن أحمد. ومن جوزه قال: هذا ليس فيه قصد لتحريقهم؛ كتبييتهم ورميهم بالمنجنيق، فإن هذا يجوز بالنص وإجماع الأئمة، وإن كان قد يتضمن قتل النساء والصبيان، ولا يجوز تعمد قتلهم. ومن منعه قال: إن فيه تعذيبا /189ب/ بالنار لغير مقابلة ولا ضرورة.
وأيضا فمجرد صرع شخص لا يبيح قتل الصارع، اللهم إلا أن يقال: إن هذا الصارع صائل لا يندفع صوله إلا بالقتل، ولا يمكن قتله إلا بالتحريق، فهذا يجوز، لكن هؤلاء لا يقفون عند الحدود الشرعية لو كانوا صادقين فيما يقولونه.
पृष्ठ 33