तहक़ीक अमल
تحقيق الآمال فيما ينفع الميت من الأعمال
शैलियों
وقد ورد أنه تعرض على الإنسان في الدار الآخرة ساعات أيامه ولياليه في هيئة الخزائن كل يوم وليلة أربع وعشرون خزانة بعدد ساعاتهما، فيرى الساعة التي عمل فيها بطاعة الله خزانة مملوءة نورا، والتي عمل فيها بمعصية الله مملوءة ظلمة، والتي لم يعمل فيها بطاعة ولا معصية يجدها فارغة لا شيء فيها فيعظم تحسره إذا نظر إلى الفارغة أن لا يكون عمل فيها بطاعة الله فيجدها مملوءة نورا. وأما التي يجدها مملوءة ظلمة فلو قضى عليه أن يموت عند النظر إليها من الأسف والحسرة لمات، غير أنه لا موت في الآخرة، فالعامل بطاعة الله يكون فيها فرحا مغتبطا على الدوام، يزيد فرحه واغتباطه على ممر الأيام. والعامل بمعصية الله ترح مغموم، لا يزال يزداد ترحه وغمه إلى غير نهاية، فاختر لنفسك رحمك الله ما دمت في دار الاختيار ما ينفعها ويرفعها، فإنك لو قد مت خرج الأمر عن اختيارك.
قال الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي رحمه الله في البداية: واعلم أن الموت لا يهجم في وقت مخصوص، وحال مخصوص، وسن مخصوص، ولا بد من هجومه، فالاستعداد له أولى من الاستعداد للدنيا.
وقال أيضا في موضع آخر من البداية: ولا تدع عنك التفكر في قرب الأجل، وحلول الموت القاطع للأمل، وخروج الأمر عن الاختيار، وحصول الحسرة والندامة بطول الاغترار. انتهى.
وقد كان من السلف الصالح من لو قيل له: إنك ميت غدا، لم يجد موضعا للزيادة من العمل الصالح، لما هو عليه من غاية الإقبال على الآخرة والاشتغال بالأعمال الصالحة.
وقال بعضهم لبعض من استوصاه: انظر فكل شيء تحب أن يأتيك الموت وأنت تعمله فالزمه الآن، وكل شيء تكره أن يلقاك الموت وأنت تعمله فاتركه الآن.
पृष्ठ 73