तहकीम अल-उकुल
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
शैलियों
[الفصل الأول]
الكلام في إثبات الشيء ونفيه وفي صحته وإثباته ينبني على كونه معقولا، وقد مضت أيام وسنون مذ نشأت هذه المقالة نطالبهم بأن يعقلونا معنى الكسب فلم يعقلونا.
فإن قالوا: نحن نعقل ذلك.
قلنا: كون الشيء معقولا لا يختص به صاحب المذهب، بل يجب أن يعقله المخالف كما يعقله الموافق، فإذا لم يعقله المخالفون مع كثرتهم وامتداد الأيام وكثرة المناظرات علمنا أنه غير معقول.
ويقال: أليس هذا الفعل بجميع صفاته وجهاته حادثا من الله تعالى؟ فلا بد من: بلى، فيقال: فما تأثير العبد الذي سميتموه كسبا، وما معناه، ولا يجدون عند ذلك محيصا.
ويقال لهم: أليس الأمر والنهي والحمد والذم والثواب والعقاب والحدود والأحكام تتعلق عندكم بالكسب دون الخلق؟ فلا بد من: بلى، فيقال: فوجب أن يكون ذلك تأثير من جهة العبد، لتصح إضافة هذه الأحكام إليه، فأرونا ما تأثير العبد مع قولكم إنه بجميع وجوهه حادث من جهته تعالى؟.
ويقال لهم: إذا خلق الله تعالى القبيح وكسبه العبد ما تقولون، أيقبح من جهة الخلق فقط أو من جهة الكسب أو بمجموعهما أو بكل واحد على البدل؟.
فإن قال: يقبح من جهة الخلق، لزمه أن لا يقبح إلا من جهته حتى لا يقبح من العبد شيء، وهذا ليس بقول لهم، أو كان يقبح من جهة الكسب.
قلنا: وجب أن لا يقبح منه تعالى، وإن انفرد به فيفعل الظلم والكذب، ويأمر بالقبيح وينهى عن الحسن، ويبعث الرسل لإضلال العباد، ويظهر المعجز على الكذابين.
وإن قال يقبح بمجموعهما وجب أن لا يقبح أصلا من أحد؛ لأنه تعالى خالق ليس بمكتسب، والعبد مكتسب ليس بخالق.
وإن قال: يقبح من كل واحد على البدل.
قلنا: وجب أن يقبح منه تعالى كما يقبح من العبد.
पृष्ठ 112