66

ويقال لهم: أليس تصح العظة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبعثة الأنبياء للدعاء إلى الخير؟ فلا بد من: بلى، فيقال: أيخاطب به النور أم الظلمة؟.

فإن قالوا: النور.

قلنا: هو لا يحتاج إلى ذلك مع أنه مطبوع على الخير.

وإن قال: الظلمة.

قلنا: فهي لا تحتاج؛ لأنها مطبوعة على الشر، فما معنى الأمر.

ويقال لهم: أليس النور والظلمة عندكم كانا جوهرين متباينين فامتزجا وتركب منهما العالم؟ فلا بد من: بلى، فيقال: فما وجه امتزاجهما؟ ألذاتهما امتزجا؟ فيجب أن يكون الامتزاج قديما إذا كانت ذاتهما قديمة، فلو قال: امتزجا لمعنى، قلنا: ذلك المعنى قديم أم محدث؟.

فإن قالوا: محدث.

قلنا: بأي شيء حصل؟ وإن كان قديما وجب أن يكون الامتزاج قديما.

ويقال لهم: أليس النور والظلمة أجساما؟! فلا بد من: بلى، فيقال: أليس قد ثبت حدوث الأجسام كلها ولا بد لها من محدث.

ويقال لهم: النور والظلمة أحياء أم أموات؟.

فإن قال: أموات.

قلنا: التأثير في الفعل من الميت تحيله العقول.

فإن قال: أحياء.

قلنا: فهي علة للفعل أو فاعل مختار؟.

فإن قال: علة.

قلنا: فوجب أن تكون التراكيب قديمة؛ إذ النور قديم عندهم، وإن قال قادر مختار، قلنا: وجب أن يصح بينهما التمانع.

فإن قلتم: أحدهما حي وهو النور، والآخر ميت وهو الظلمة.

قلنا: فإذا كانا قديمين كيف انفرد أحدهما بالقدرة والحياة والآخر بالموت والعجز؟ وبعد فاشتراكهما في القدم يوجب كونهما مثلين فيستحيل ما قلتم.

ويقال: أليس بالفعل يستدل على الصانع! فلا بد من: بلى، فإذا أثبت واحد لم يبق دليل على الثاني.

فإن قال: الخير والشر ضدان، فمؤثرهما يجب أن يكونا ضدين، كالحركة والسكون، والحرارة والبرودة.

पृष्ठ 90