ومتى قيل: كيف جاء فاتقوا مشروطا بقوله: فإن لم تفعلوا واتقاؤه يجب على كل وجه؟
قلنا: هو في تصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك لا يلزم إلا بعد العلم بالمعجز، فجاء مشروطا لهذا، والمعنى فإن لم تعارضوا فقد قامت الحجة فوجب قبولها، وإلا استحق النار والعذاب التي وقودها يعني حطبها الناس والحجارة قيل: هي حجارة الكبريت، وهي أشد الحجارة حرا، عن ابن مسعود وابن جريج والفراء، وقيل: هي أجسادهم تبقى بقاء الحجارة بتبقية الله تعالى إياها، كقوله: (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) وقيل: النار لعظمها تحرق الحجارة، وهي مثلها، عن أبي علي وأبي مسلم، وقيل: هي حجارة تحمى فتكون عذابا على أهل النار، وقيل: أراد أصنامهم؛ لأن أكثرها منحوت من حجارة، كقوله: (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم)
أعدت يعني النار هيئت للكافرين بالله ورسله.
ومتى قيل: كيف قال: أعدت للكافرين وهي معدة للفاسقين أيضا؟
قلنا: فيه أنها معدة لهم، وليس فيه أنها لم تعد لغيرهم، وإثبات الشيء لا يدل على نفي ما عداه؛ ألا ترى أنه لا يمتنع أن يكون وقودها من الجن أيضا لقوله: (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين (13)
وقيل: إنها نار خاصة للكافرين، وغيرها من النيران لغيرهم، ولهذا قال: (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب (46)
وقيل: إنه قد يكتفى بذكر أعظم الشيئين إذا اجتمعا، كقوله: (والله ورسوله أحق أن يرضوه)
وقيل: لأنهم هم الأصل فيها، ولهم العذاب العظيم، فكأن غيرهم لم يعتد بهم.
* * *
(الأحكام)
الآية تدل على أن إثبات النبوة من حيث عجزوا عن مثل القرآن مع التحدي، وحرصهم على إبطال أمره، وتدل عليها أيضا من حيث أخبرهم عن الغيب أنهم لا يأتون بمثله، وكان كما أخبر .
पृष्ठ 289