ثم عاد في الاحتجاج على الكفار في إنكارهم البعث، فقال: كيف تكفرون قيل: هو توبيخ، وقيل: تعجيب، تقديره: عجبا منهم أدخلوا محل من يتعجب منه أو عجبوا منهم، وقيل: فيه معنى التوبيخ والتعجيب بالله. وكنتم أمواتا فأحياكم قيل: نطفا فأحياكم في الدنيا، ثم يميتكم ثم يحييكم يوم القيامة، عن قتادة والأصم والأخفش وأبي علي، وقيل: لم تكونوا شيئا فخلقكم ثم يميتكم ثم يحييكم يوم القيامة، عن ابن عباس وابن مسعود، وقيل: يحتمل قوله: (يحييكم) الحياة في القبر، فتدل على عذاب القبر، عن أبي علي، وتقديره: كنتم نطفا فأحياكم في الدنيا، ثم يميتكم ثم يحييكم في القبر، ثم إليه ترجعون في الحشر.
ومتى قيل: لم ذكر حياتين، وهي ثلاث؟
قلنا: لم ينف الثالثة فهي مسكوت عنها، وقيل: ترجعون كناية عن الحياة الثالثة؛ ولذلك عطف بحرف (ثم)، وقيل: لم يذكر حياة القبر لقلتها بالإضافة إلى غيرها في الحياة [*]، كما لم يذكر من أحياه في الدنيا في قوله: (وهم ألوف حذر الموت)
كأنه لم يعتد بها لقلتها، وقيل: لأنه لم يعتد بها؛ لأنها في حكم الحياة الأولى، وقيل: لأنه ذكر هذا على سبيل الحجاج فذكر ما اقتضاه الحجاج دون التطويل من غير فائدة، وقيل: أراد بالموتة الأولى بعد الحياة، وأحياكم في القبر، ثم يميتكم، ثم يحييكم يوم القيامة، عن أبي علي.
ومتى قيل: كيف عد الموت من النعم، وهو يقطع النعم؟
قلنا: لأنه يقطع التكليف، فيصل المكلف إلى الثواب الدائم، فهو نعمة من هذا الوجه، وقيل: ذكر الموت لتمام الاحتجاج.
* * *
(الأحكام)
يدل قوله: كيف تكفرون على أن الكفر فعلهم لذلك ذمهم به ووبخهم عليه.
पृष्ठ 304