Tahajjud and Taraweeh - Albani
صلاة التراويح - الألباني
प्रकाशक
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٢١
प्रकाशक स्थान
الرياض
शैलियों
صلاة التراويح
صلوا كما رأيتموني أصلي (البخاري)
للعلامة المحدث
محمد ناصر الدين الألباني
رحمه الله تعالى
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع - الرياض
ط ١، ١٤٢١ هـ
1 / 1
- ١ - تمهيد في استحباب الجماعة في التراويح
لا يشك عام اليوم بالسنة في مشروعية صلاة الليل جماعة في رمضان هذه الصلاة التي تعرف بصلاة التراويح لأمور ثلاثة:
أ - إقراره ﷺ بالجماعة فيها
ب - إقامته إياها
ج - بيانه لفضلها
-
أما الإقرار فلحديث ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال:
- ١ (حسن)
خرج رسول الله ﷺ ذات ليلة في رمضان فرأى ناسا في ناحية المسجد يصلون فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قال قائل: يا رسول الله هؤلاء ناس ليس معهم قرآن وأبي بن كعب يقرأ وهم معه يصلون بصلاته
فقال: " قد أحسنوا " أو " قد أصابوا "
ولم يكره ذلك منهم
رواه البيهقي (٢ / ٤٩٥) وقال هذا مرسل حسن
قلت: وقد روي موصولا من طريق آخر عن أبي هريرة بسند لابأس به في المتابعات والشواهد أخرجه ابن نصر في قيام الليل (ص ٢٠) وأبو داود (١ / ٢١٧) والبيهقي]
[١٠]
ب - وأما إقامته ﷺ إياها ففيه أحاديث: الأول - ٢ (صحيح) عن النعمان بن بشير قال: قمنا مع رسول الله ﷺ ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح قال وكنا ندعو السحور الفلاح رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٢ / ٩٠ / ٢) وابن نصر (٨٩) والنسائي (١ / ٢٣٨) وأحمد (٤ / ٢٧٢) والفرياني واسناده صحيح وصححه الحاكم ١ / ٤٤٠) وقال: وفيه الدليل الواضح أن صلاة التراويح في مساجد المسلمين سنة مسنونة وقد كان علي بن أبي طالب يحث عمر رضي الله عن هما على إقامة هذه السنة إلى أن أقامها الثاني: - ٣ (صحيح) عن أنس قال: كان رسول الله ﷺ يصلي في رمضان فجئت فقمت إلى جنبه ثم جاء آخر ثم جاء آخر حتى كنا رهطا (١) فلما أحس رسول الله ﷺ أنا خلفه تجوز (٢) في الصلاة ثم دخل منزله فلما دخل منزله صلى صلاة لم يصلها عندنا فلما أصبحنا قلنا: يا رسول الله أو فطنت لنا البارحة؟ فقال: نعم وذاك الذي حملني على ما صنعت رواه أحمد وابن نصر بسندين صحيحين والطبراني في الأوسط بنحوه]
ب - وأما إقامته ﷺ إياها ففيه أحاديث: الأول - ٢ (صحيح) عن النعمان بن بشير قال: قمنا مع رسول الله ﷺ ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح قال وكنا ندعو السحور الفلاح رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٢ / ٩٠ / ٢) وابن نصر (٨٩) والنسائي (١ / ٢٣٨) وأحمد (٤ / ٢٧٢) والفرياني واسناده صحيح وصححه الحاكم ١ / ٤٤٠) وقال: وفيه الدليل الواضح أن صلاة التراويح في مساجد المسلمين سنة مسنونة وقد كان علي بن أبي طالب يحث عمر رضي الله عن هما على إقامة هذه السنة إلى أن أقامها الثاني: - ٣ (صحيح) عن أنس قال: كان رسول الله ﷺ يصلي في رمضان فجئت فقمت إلى جنبه ثم جاء آخر ثم جاء آخر حتى كنا رهطا (١) فلما أحس رسول الله ﷺ أنا خلفه تجوز (٢) في الصلاة ثم دخل منزله فلما دخل منزله صلى صلاة لم يصلها عندنا فلما أصبحنا قلنا: يا رسول الله أو فطنت لنا البارحة؟ فقال: نعم وذاك الذي حملني على ما صنعت رواه أحمد وابن نصر بسندين صحيحين والطبراني في الأوسط بنحوه]
1 / 10
(١) الرهط ما دون العشرة
(٢) أي: خفف
[١١]
الثالث: - ٤ (صحيح) عن عائشة قالت: كان الناس يصلون في مسجد رسول الله ﷺ رمضان بالليل أوزاعا (١) يكون مع الرجل شيء من القرآن فيكون معه النفر الخمسة والستة أو أقل من ذلك أو أكثر فيصلون بصلاته فأمرني رسول الله ﷺ ليلة من ذلك أن أنصب (٢) له حصيرا على باب حجرتي ففعلت فخرج إليه رسول الله ﷺ بعد أن صلى العشاء الآخرة قالت: فاجتمع إليه من في المسجد فصلى بهم رسول الله ﷺ ليلا طويلا ثم انصرف رسول الله ﷺ فدخل وترك الحصير على حاله فلما أصبح الناس تحدثوا بصلاة رسول الله ﷺ بمن كان معه في المسجد تلك الليلة (فاجتمع أكثر) منهم وأمسى المسجد راجا بالناس (٣) (فخرج رسول الله ﷺ في الليلة الثانية فصلوا بصلاته فاصبح الناس يذكرون ذلك فكثر أهل المسجد (حتى اغتص بأهله) من الليلة الثالثة فخرج فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله) فصلى بهم رسول الله ﷺ العشاء الآخرة ثم دخل بيته وثبت الناس قالت: فقال لي رسول الله ﷺ ما شأن الناس يا عائشة قالت: فقلت له: يا رسول الله سمع الناس بصلاتك البارحة بمن كان في المسجد فحشدوا لذلك لتصلي بهم قالت فقال: إطو عنا حصيرك يا عائشة قالت: ففعلت وبات رسول الله ﷺ غير غافل وثبت الناس مكانهم (فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة) حتى خرج رسول الله ﷺ إلى الصبح (فلما قضى الفجر أقبل على الناس ثم تشهد (٤) فقال أما بعد) أيها الناس أما والله ما بت والحمد لله ليلتي هذه غافلا وما خفي علي مكانكم ولكني تخوفت أن يفترض عليكم (وفي رواية ولكن خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها) فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا زاد في رواية أخرى قال الزهري فتوفي رسول الله ﷺ والناس على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر (٥)
الثالث: - ٤ (صحيح) عن عائشة قالت: كان الناس يصلون في مسجد رسول الله ﷺ رمضان بالليل أوزاعا (١) يكون مع الرجل شيء من القرآن فيكون معه النفر الخمسة والستة أو أقل من ذلك أو أكثر فيصلون بصلاته فأمرني رسول الله ﷺ ليلة من ذلك أن أنصب (٢) له حصيرا على باب حجرتي ففعلت فخرج إليه رسول الله ﷺ بعد أن صلى العشاء الآخرة قالت: فاجتمع إليه من في المسجد فصلى بهم رسول الله ﷺ ليلا طويلا ثم انصرف رسول الله ﷺ فدخل وترك الحصير على حاله فلما أصبح الناس تحدثوا بصلاة رسول الله ﷺ بمن كان معه في المسجد تلك الليلة (فاجتمع أكثر) منهم وأمسى المسجد راجا بالناس (٣) (فخرج رسول الله ﷺ في الليلة الثانية فصلوا بصلاته فاصبح الناس يذكرون ذلك فكثر أهل المسجد (حتى اغتص بأهله) من الليلة الثالثة فخرج فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله) فصلى بهم رسول الله ﷺ العشاء الآخرة ثم دخل بيته وثبت الناس قالت: فقال لي رسول الله ﷺ ما شأن الناس يا عائشة قالت: فقلت له: يا رسول الله سمع الناس بصلاتك البارحة بمن كان في المسجد فحشدوا لذلك لتصلي بهم قالت فقال: إطو عنا حصيرك يا عائشة قالت: ففعلت وبات رسول الله ﷺ غير غافل وثبت الناس مكانهم (فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة) حتى خرج رسول الله ﷺ إلى الصبح (فلما قضى الفجر أقبل على الناس ثم تشهد (٤) فقال أما بعد) أيها الناس أما والله ما بت والحمد لله ليلتي هذه غافلا وما خفي علي مكانكم ولكني تخوفت أن يفترض عليكم (وفي رواية ولكن خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها) فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا زاد في رواية أخرى قال الزهري فتوفي رسول الله ﷺ والناس على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر (٥)
1 / 11
(١) أي: متفرقين
(٢) أي أضع في " اللسان ": " والنصب وضع الشيء ورفعه " ولعل الأول هو المناسب هنا والمراد أنه ﷺ أمرها أن تضع حصيرا أمام الباب ويؤيده حديث زيد بن ثابت " اتخذ النبي ﷺ حجرة في المسجد من حصير فصلى رسول الله ﷺ فيها ليالي حتى اجتمع إليه ناس. . . ". الحديث رواه مسلم (٢ / ١٨٨) وغيره
(٣) أراد أن له رجة من كثرة الناس. نهاية
(٤) تعني أنه نطق بالشهادة ويحتمل عندي أنها أرادت خطبة الحاجة التي يذكر فيها الشهادة وقد ذكرنا نصها في خطبة الرسالة الأولى ثم طبعناها مفردة
(٥) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والفرياني في الصيام وابن نصر وأحمد والسياق لهما
[١٢]
قلت وهذه الأحاديث ظاهرة الدلالة على مشروعية صلاة التراويح جماعة لاستمراره ﷺ في تلك الليالي ولا ينافيه تركه ﷺ لها في الليلة الرابعة في هذا الحديث لأنه ﷺ علله بقوله خشيت أن تفرض عليكم ولا شك أن هذه الخشية قد زالت بوفاته ﷺ بعد أن أكمل الله الشريعة وبذلك يزول المعلول وهو ترك الجماعة ويعود الحكم السابق وهو مشروعية الجماعة ولهذا أحياها أحياها عمر بن الخطاب رضي الله عن هـ كما سبق ويأتي وعليه جمهور العلماء الرابع: - ٥ (صحيح) عن حذيفة بن اليمان قال: قام رسول الله ﷺ ذات ليلة في رمضان في حجرة من جريد النخل ثم صب عليه دلوا من ماء ثم قال (الله أكبر) الله أكبر (ثلاثا) ذا الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة (ثم قرأ البقرة قال: ثم ركع فكان ركوعه مثل قيامه فجعل يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم (مثلما كان قائما) ثم رفع رأسه من الركوع فقام مثل ركوعه فقال: لربي الحمد ثم سجد وكان في سجوده مثل قيامه (١) وكان يقول في سجوده سبحان ربي الأعلى ثم رفع رأسه من السجود (ثم جلس) وكان يقول بين السجدتين: رب اغفر لي (رب اغفرلي) وجلس بقدر سجوده (ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى مثلما كان قائما) فصلى أربع ركعات يقرأ فيهن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة (٢)
قلت وهذه الأحاديث ظاهرة الدلالة على مشروعية صلاة التراويح جماعة لاستمراره ﷺ في تلك الليالي ولا ينافيه تركه ﷺ لها في الليلة الرابعة في هذا الحديث لأنه ﷺ علله بقوله خشيت أن تفرض عليكم ولا شك أن هذه الخشية قد زالت بوفاته ﷺ بعد أن أكمل الله الشريعة وبذلك يزول المعلول وهو ترك الجماعة ويعود الحكم السابق وهو مشروعية الجماعة ولهذا أحياها أحياها عمر بن الخطاب رضي الله عن هـ كما سبق ويأتي وعليه جمهور العلماء الرابع: - ٥ (صحيح) عن حذيفة بن اليمان قال: قام رسول الله ﷺ ذات ليلة في رمضان في حجرة من جريد النخل ثم صب عليه دلوا من ماء ثم قال (الله أكبر) الله أكبر (ثلاثا) ذا الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة (ثم قرأ البقرة قال: ثم ركع فكان ركوعه مثل قيامه فجعل يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم (مثلما كان قائما) ثم رفع رأسه من الركوع فقام مثل ركوعه فقال: لربي الحمد ثم سجد وكان في سجوده مثل قيامه (١) وكان يقول في سجوده سبحان ربي الأعلى ثم رفع رأسه من السجود (ثم جلس) وكان يقول بين السجدتين: رب اغفر لي (رب اغفرلي) وجلس بقدر سجوده (ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى مثلما كان قائما) فصلى أربع ركعات يقرأ فيهن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة (٢)
1 / 12
(١) يعني: القيام بعد الركوع
(٣) " يعني صلاة الفجر " والحديث رواه ابن أبي شيبة وابن نصر والنسائي وأحمد ومسلم وغيرهم مع ملاحظة الزيادات في الروايات الأخرى التي بين القوسين] والحاكم القول بين السجدتين وصححه ووافقه الذهبي ورجاله ثقات
[١٥]
ج - وأما بيانه ﷺ لفضلها فهو ما رواه - ٦ (صحيح) أبو ذر رضي الله عن هـ قال: صمنا فلم يصل ﷺ بنا حتى بقي سبع من الشهر فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ثم لم يقم بنا في السادسة وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل فقلنا: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ثم لم يصل بنا حتى بقي ثلاث من الشهر فصلى بنا الثالثة ودعى أهله ونساءه فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح قلت: وما الفلاح قال السحور رواه ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة والطحاوي في شرح معاني الآثار وابن نصر والفريابي والبيهقي وسندهم صحيح] والشاهد من الحديث قوله: " من قام مع الإمام. . . " فإنه ظاهر الدلالة على فضيلة صلاة قيام رمضان مع الإمام يؤيد هذا ما ذكره أبو داود في المسائل (ص ٦٢) قال: سمعت أحمد قيل له: يعجبك أن يصلي الرجل مع الناس في رمضان أو وحده؟ قال يصلي مع الناس وسمعته أيضا يقول: يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه قال النبي ﷺ: " إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له بقية ليلته " ومثله ذكر ابن نصر (ص ٩١) عن أحمد ثم قال أبو داود: " قيل لأحمد وأنا أسمع: يؤخر القيام - يعني التراويح - إلى آخر الليل؟ قال: لا سنة المسلمين أحب إلي (١)
٢ - لم يصل ﷺ التراويح أكثر من (١١) ركعة وبعد أن أثبتنا مشروعية الجماعة في صلاة التراويح بإقراره ﷺ وفعله وحضه فلنبين كم كانت عدد ركعاته ﷺ في تلك الليالي التي أحياها مع الناس فاعلم أن لدينا في هذ المسألة حديثين: الأول: - ٧ (صحيح) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة رضي الله عن ها كيف كانت صلاة رسول الله ﷺ في رمضان فقالت: ما كان رسول الله ﷺ يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة (٢) يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا رواه البخاري ومسلم وأبو عوانة وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك وعنه البيهقي وأحمد وفي رواية لابن أبي شيبة ومسلم وغيرهما: كانت صلاته في شهر رمضان وغيره ثلاث عشر ركعة بالليل منها ركعتا الفجر لكن جاء في رواية أخرى عند مالك وعنه البخاري وغيره عنها قالت كان يصلي بالليل ثلاث عشر ركعة ثم يصلي اذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين (قال الحافظ يحتمل أن تكون إضافة إلى صلاة الليل سنة العشاء لكونه كان يصليها في بيته أو ما كان يفتتح به صلاة الليل فقد ثبت عند مسلم عنها أنه كان يفتتحها بركعتين خفيفتين]
ج - وأما بيانه ﷺ لفضلها فهو ما رواه - ٦ (صحيح) أبو ذر رضي الله عن هـ قال: صمنا فلم يصل ﷺ بنا حتى بقي سبع من الشهر فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ثم لم يقم بنا في السادسة وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل فقلنا: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ثم لم يصل بنا حتى بقي ثلاث من الشهر فصلى بنا الثالثة ودعى أهله ونساءه فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح قلت: وما الفلاح قال السحور رواه ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة والطحاوي في شرح معاني الآثار وابن نصر والفريابي والبيهقي وسندهم صحيح] والشاهد من الحديث قوله: " من قام مع الإمام. . . " فإنه ظاهر الدلالة على فضيلة صلاة قيام رمضان مع الإمام يؤيد هذا ما ذكره أبو داود في المسائل (ص ٦٢) قال: سمعت أحمد قيل له: يعجبك أن يصلي الرجل مع الناس في رمضان أو وحده؟ قال يصلي مع الناس وسمعته أيضا يقول: يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه قال النبي ﷺ: " إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له بقية ليلته " ومثله ذكر ابن نصر (ص ٩١) عن أحمد ثم قال أبو داود: " قيل لأحمد وأنا أسمع: يؤخر القيام - يعني التراويح - إلى آخر الليل؟ قال: لا سنة المسلمين أحب إلي (١)
٢ - لم يصل ﷺ التراويح أكثر من (١١) ركعة وبعد أن أثبتنا مشروعية الجماعة في صلاة التراويح بإقراره ﷺ وفعله وحضه فلنبين كم كانت عدد ركعاته ﷺ في تلك الليالي التي أحياها مع الناس فاعلم أن لدينا في هذ المسألة حديثين: الأول: - ٧ (صحيح) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة رضي الله عن ها كيف كانت صلاة رسول الله ﷺ في رمضان فقالت: ما كان رسول الله ﷺ يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة (٢) يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا رواه البخاري ومسلم وأبو عوانة وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك وعنه البيهقي وأحمد وفي رواية لابن أبي شيبة ومسلم وغيرهما: كانت صلاته في شهر رمضان وغيره ثلاث عشر ركعة بالليل منها ركعتا الفجر لكن جاء في رواية أخرى عند مالك وعنه البخاري وغيره عنها قالت كان يصلي بالليل ثلاث عشر ركعة ثم يصلي اذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين (قال الحافظ يحتمل أن تكون إضافة إلى صلاة الليل سنة العشاء لكونه كان يصليها في بيته أو ما كان يفتتح به صلاة الليل فقد ثبت عند مسلم عنها أنه كان يفتتحها بركعتين خفيفتين]
1 / 15
(١) يعني الاجتماع في صلاة التروايح مع التبكير بها أفضل عنده من الانفراد بها مع التأخير إلى آخر الليل وإن كان للتأخير فضيلة خاصة فالجماعة أفضل لإقامة النبي ﷺ لها في تلك الليالي التي أحياها مع الناس في المسجد كما سبق في حديث عائشة وغيره ولذلك جرى عليه المسلمون من عهد عمر إلى الآن
[١٨]
1 / 18
- ٨ (صحيح)
عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: لأرمقن صلاة رسول الله ﷺ الليلة فصلى ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة رواه مالك وعنه مسلم وأبو عوانة وأبو داود وابن نصر]
[١٩]
1 / 19
الثاني:
- ٩ (حسن)
عن جابر بن عبد الله رضي الله عن هـ قال: صلى بنا رسول الله ﷺ في شهر رمضان ثمان ركعات وأوتر فلما كانت القابلة اجتمعنا في المسجد ورجونا أن يخرج فلم نزل فيه حتى أصبحنا ثم دخلنا فقلنا يا رسول الله اجتمعنا البارحة في المسجد ورجونا أن تصلي بنا فقال:
إني خشيت أن يكتب عليكم
رواه ابن نصر والطبراني وسنده حسن بما قبله واشار الحافظ في الفتح وفي التلخيص إلى تقويته وعزاه لابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما]
[٢١]
1 / 21
حديث العشرين ضعيف جدا لا يجوز العمل به
ثم قال في الفتح (٤ / ٢٠٥ - ٢٠٦) تحت شرح الحديث الأول:
- ١٠ (ضعيف جدا)
وأما ما رواه ابن شيبة من حديث ابن عباس: كان رسول الله ﷺ يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر فإسناده ضعيف وقد عارضه حديث عائشة هذا الذي في الصحيحين مع كونها أعلم بحال النبي ﷺ ليلا من غيرها
وسبقه إلى هذا المعنى الحافظ الزيلعي في نصب الراية
قلت: وحديث ابن عباس هذا ضعيف جدا كما قال السيوطي في " الحاوي للفتاوي " ٢ / ٧٣ وعلته أن فيه أبا شيبة إبراهيم بن عثمان قال الحافظ في التقريب: " متروك الحديث "
[٢٢]
1 / 22
وأنه يروي الموضوعات كحديث (ما هلكت أمة إلا في آذار) ولا تقوم الساعة الا في آذار وأن حديثه هذا الذي في التراويح من جملة مناكيره
وقد صرح السبكي بأن شرط العمل بالحديث الضعيف أن لا يشتد ضعفه
قال الذهبي ومن يكذبه مثل شعبة فلا يلتفت إلى حديثه]
قلت: وفيما نقله عن السبكي إشارة لطيفة من الهيتمي إلى أنه لا يرى العمل بالعشرين فتأمل
ثم قال السيوطي بعد أن ذكر حديث جابر من رواية ابن حبان:
فالحاصل أن العشرين ركعة لم تثبت من فعله ﷺ وما في صحيح ابن حبان غاية فيما ذهبنا إليه من تمسكنا بما في البخاري عن عائشة إنه كان لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ومما يدل لذلك أيضا أنه ﷺ كان إذا عمل عملا واظب عليه كما واظب على الركعتين اللتين قضاهما بعد العصر مع كون الصلاة في ذلك الوقت منهيا عنها ولو فعل العشرين ولو مرة لم يتركها أبدا ولو وقع لم يخف على عائشة حيث قالت ما تقدم
[٢٣]
قلت: وفي كلامه إشارة قوية إلى اختياره الإحدى عشرة ركعة ورفضه العشرين الواردة في حديث ابن عباس لضعفها الشديد فتدبر
[٢٤]
٣ - اقتصاره ﷺ على الإحدى عشرة ركعة دليل على عدم جواز الزيادة عليها
تبين لنا مما سق أن عدد ركعات قيام اليل إنما هو إحدى عشرة ركعة بالنص الصحيح من فعل رسول الله ﷺ وإذا تأملنا فيه يظهر لنا بوضوح أنه ﷺ استمر على هذا العدد طيلة حياته لا يزيد عليه سواء ذلك في رمضان أو في غيره فإذا استحضرنا في أذهاننا أن السنن الرواتب وغيرها كصلاة الاستسقاء والكسوف التزم النبي ﷺ أيضا فيها جميعا عددا معينا من الركعات وكان هذا الالتزام دليلا مسلما عند العلماء على انه لا يجوز الزيادة عليها فكذلك صلاة التراويح لا يجوز الزيادة فيها على العدد المسنون لاشتراكها مع الصلوات المذكورات في التزامه ﷺ عددا معينا فيها
[٢٦]
لا يزيد عليه فمن ادعى الفرق فعليه الدليل ودون ذلك خرط القتاد
وليست صلاة التراويح من النوافل المطلقة حتى يكون لمصلي الخيار في أن يصليها بأي عدد شاء بل هي سنة مؤكدة تشبه الفرائض من حيث أنها تشرع مع الجماعة كما قالت الشافعية فهي من هذه الحيثية أولى بأن لا يزاد عليها من السنن الرواتب ولهذا منعوا من جمع أربع ركعات من التراويح في تسليمة واحدة ظنا منهم أنهم لم ترد واحتجوا (بأن التراويح أشبهت الفرض بطلب الجماعة فلا تغير عما ورد فيها)
فتأمل كيف منعوا من وصل ركعتين بركعتين كل منهما وارد لأن في الوصل - عندهم - تغييرا لما ورد فيها من الفصل
[٢٧]
أفلا يحق لنا حينئذ أن نمنع بهذه الحجة ذاتها من زيادة عشر ركعات لا أصل لها في السنة الصحيحة البتة؟ اللهم بلى بل هذا بالمعنع أولى وأحرى فهل من مدكر؟
على أنه لو اعتبرنا صلاة التراويح نفلا مطلقا لم يحدده الشارع بعدد معين لم يجز لنا أن نلتزم نحن فيها عددا لا نجاوزه لما ثبت في الأصول: أنه لا يسوغ التزام صفة لم ترد عنه ﷺ في عبادة من العبادات
قال الشيخ ملا أحمد رومي الحنفي صاحب (مجالس الأبرار) ما ملخصه:
(لأن عدم وقوع الفعل في الصدر الأول إما لعدم الحاجة إليه أو لوجود مانع أو لعدم تنبه أو لتكاسل أو لكراهة أو لعدم مشروعيته والأولان منفيان في العبادات البدنية المحضة لأن الحاجة في التقرب إلى الله تعالى لا تنقطع وبعد ظهور الإسلام لم يكن منها مانع ولا يظن بالنبي ﷺ عدم التنبه والتكاسل فذاك أسوأ الن المؤدي إلى الكفر فلم يبق إلا كونها سيئة غير مشروعة وكذلك يقال لمن أتى في العبادات البدنية المحضة بصفة لم تكن في زمن الصحابة إذ لو كان وصف العبادة في الفعل المبتدع يقتضي كونها
[٢٨]
بدعة حسنة لما وجد في العبادات بدعة مكروهة ولما جعل الفقهاء صلاة الرغائب والجماعة فيها وأنواع النغمات في الخطب وفي الأذان وقراءة القرآن في الركوع والجهر بالذكر أمام الجنازة ونحو ذلك من البدع المنكرة فمن قال بحسنها قيل له: ما ثبت حسنه بالأدلة الشرعية فهو إما غير بدعة فيبقى عموم العام في حديث
كل بدعة ضلالة " وحديث " كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد " على حاله ويكون مخصوصا من هذا العام والعام المخصوص حجة فيما عدا ما خص منه فمن ادعى الخصوص فيما أحدث أيضا احتاج إلى دليل يصلح للتخصيص من كتاب أو سنة أو إجماع مختص بأهل الاجتهاد ولا نظر للعوام ولعادة أكثر البلاد فيه فمن أحدث شيئا يتقرب به إلى الله تعالى من قول أو فعل فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله فعلم أن كل بدعة في العبادات البدنية المحضة لا تكون إلا سيئة "
شبهات وجوابها:
إذا عرفنا إفادة هذا النص أنه لا يجوز الزيادة عليه فإن من تمام الفائدة أن نسوق بضع الشبهات التي قد يوردها البعض حول
[٢٩]
1 / 29
هذه المسألة مع الجواب عليها حتى يكون القارئ على بينة من أمره فأقول:
اشبهة الأوى: (اختلاف العلماء دليل على عدم ثيوت النص المعين للعدد)
من المعلوم أن العلماء اختلفوا في عدد ركعات التراويح على أقوال كثيرة كما سيأتي بيانها فقد يقول قائل: إن هذا الاختلاف يدل على عدم وجود نص في العدد إذ لو ثبت لم يقع الاختلاف في عددها ولو ثبت ذلك من فعل النبي ﷺ لم يختلف فيه كعدد الوتر والرواتب)
الجواب: نحن نسلم بأن من الاختلافات ما يكون سببه عدم وجود النص ولكن من العجيب أن يقرر السيوطي هذا القول فإنه
[٣٠]
1 / 30
يفهم منه أن الاختلاف ليس له إلا سبب واحد وهو عدم ثبوت النص مع أنه من المعلوم أن هناك اختلالفات كثيرةلم يكن سببها عدم وجود النص بل كان عدم وصوه إلى الإمام الذي قال بخلافه أو أنه بلغه ولكن من طريق لا تقوم الحجة به أو بلغه صحيحا ولكن فهمه على وجه غير الوجه الذي فهمه الإمام الآخر وغير ذلك من أسباب الاختلاف التي ذكرها العلماء فالاختلاف ليس له سبب واحد. بل له - كما ترى - أسباب كثيرة ألا ترى أن هناك مسأئل كثيرة اختلفوا فيها مع أن فيها نصوصا ثابتا عنه ﷺ كما هو معلوم عند العلماء بالفقه والأخبار ولنضرب على ذلك مثالا واضحا إلا وهو (رفع اليدين في الصلاة عند الركوع والرفع منه) فقد اتفق العلماء كلهم من مختلف المذاهب على مشروعيته ما عدا الحنفية مع أنه ورد فيه نحو عشرين حديثاص صحيحا وفي بعضها أن أبا حميد الساعدي رضي الله عن هـ وصف صلاة النبي ﷺ بحضور
[٣١]
1 / 31
عشرة من الصحابة وذكر فيه الرفع فلما فرغ من وصفها قالوا له: " صدقت هكذا كانت صلاة رسول الله ﷺ ". رواه البخاري
وقد أجاب أبو حنيفة رضي الله عن هـ حين سئل عن عدم أخذه بالرفع بقوله: " لأنه لم يصح فيه حديث عن رسول الله ﷺ " في حكاية معروفة جرت بينه وبين أحدالمحدثين ذكرها الحنفية في كتبهم فهذا القول من قبل الإمام أبي حنيفة ﵀ لا يمكن أن يقوله لو أنه وقف على هذه الطرق التي أشرنا إليها فهذا أكبردليل على أن الخلاف في هذه المسألة ليس سببه عدم وجود أو ثبوت النص بل السبب هو عدم وصوله إلى الإمام من طريق صحيح كما عبر عن ذلك الإمام أبو حنيفة نفسه رحمه الله تعالى
[٣٢]
1 / 32
وهذا مثال واحد من أمثلة كثيرة معروفة عند المشتغلين بالسنة
أقول: فكما أن الختلاف في هذه المسألة وحوها لا يدل على عدم ورود نص ثابت فيها فكذلك الاخلف في عدد ركعات التراويح لا يدل على عدم ورود نص ثابت فيه لأن الواقع أن النص وارد ثابت فيه فلا يجوز أن يرد النص بسبب الخلاف بل الواجب أن يزال الخلاف بالرجوع إلى النص عملا بقول الله تبارك تعالى:
؟ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما؟
[٣٣]
1 / 33
وقوله:؟ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا؟
الشبهةالثانية: (لا مانع من الزيادة على النص ما لم ينه عنها) . وقد يقول قائل آخر: سلمنا أنه ثبت النص أن النبي ﷺ صلى التراويح إحدى عشرة ركعة فقط وأنه ثبت ضعف الخبر الذي فيه أن صلاها عشرين ولكن لا نرى مانعا من الزيادة عليه لأن رسول الله ﷺ لم ينه عنها
قلت: الاصل في العبادات أنها لا تثبت إلا بتوقيف من رسول الله ﷺ وهذا الأصل متفق عليه بين العلماء ولا نتصور مسلما عالما يخالفه فيه ولولا هذا الأصل لجاز لأي مسلم أن يزيد في عدد ركعات السنن بل والفرائض الثابت عددها بفعله ﷺ واستمراره عليه بزعم أنه ﷺ لم ينه عن الزيادة عليها وهذا بين ظاهر البطلان فلا ضرورة لأ نطيل فيه الكلام خاصة وقد سبق أن بينا مفصلا (ص ٢٢ - ٢٤) أن الزيادة على صلاة التراويح أخرى بالمنع من الزيادة على السنن والرواتب فتذكره
[٣٤]
1 / 34
الشبهة الثالثة (التمسك بالنصوص المطلقة والعامة)
تمسك بعضهم بالنصوص المطلقة والعامة في الحض على الإكثار من الصلاة بدون تحديد عدد معين
كقوله ﷺ لربيعة بن كعب وقد سأله مرافقته في الجنة
- ١١ (صحيح)
فأعني على نفسك بكثرة السجود] رواه مسلم في صحيحه وأبوعوانة]
وكحديث أبي هريرة رضي الله عن هـ " كان يرغب في قيام رمضان. . "
ونحو ذلك من الأحاديث التي تفيد بإطلاقها وعمومها مشروعية الصلاة بأي عدد شاء المصلي
[٣٦]
1 / 36
والجواب: أن هذا ممسك واه جدا بل هي شبهة لا تساوي حكايتها كالتي قبلها؟
فإن العمل بالمطلقات على إطلاقها إنما يسوغ فيما لم يقيده الشارع من المطلقات أما إذا قيد الشارع حكما مطلقا بقيد فإنما يجب التقيد به وعدم الاكتفاء بالمطلق ولما كانت مسألتنا (صلاة التراويح ليست من النوافل المطلقة لأنها صلاة مقيدة بنص عن رسول الله ﷺ كما سبق بيانه في أول هذا الفصل فلا يجوز تعطيل هذا القيد تمسكا بالمطلقات وما مثل من يفعل ذلك إلا كمن يصلي صلاة يخالف بها صلاة النبي ﷺ المنقولة عنه بالأسانيد الصحيحة يخالفها كما وكيفا متناسيا قوله ﷺ: (صلوا كما رأيتموني أصلي) محتجا بمثل تلك المطلقات كمن يصلي مثلا الظهر خمسا وسنة الفجر أربعا وكمن يصلي بركوعين أو سجدات
وفساد هذا لا يخفى على عاقل ولهذا قال العلامة الشيخ علي محفوظ في " الإبداع " (ص ٢٥) بعد أن نقل من نصوص علماء المذاهب الأربعة أن ما تركه النبي ﷺ مع قيام المقتضي على فعله فتركه هو السنة وفعله بدعة مذمومة قال:
[٣٧]
1 / 37
" وعلمت أن التمسك بالعمومات مع الغفلة عم بيان الرسول وتركه هو اتباع المتشابه الذي نهى الله عنه ولو عولنا على العمومات وصرفنا النظر عن البيان لا نفتح باب كبير من أبواب البدعة لا يمكن سده ولا يقف الاختراع في الدين عند حد وإليك أمثلة في ذلك على ما تقدم:
الأول جاء في حديث الطبراني
الصة خير موضوع
لوتمسكنا بعموم هذا كيف تكون صلاة الرغائب بدعة مذمومة؟ وكيف تكون صلاة شعبان بدعة مذمومة مع دخولهما في عموم الحديث؟ وقد نص العلماء على أنهما بدعتان قبيحتان مذمومتان كما يأتي
الثاني: قال تعالى: ﴿ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا﴾
وقال ﷿: ﴿اذكروا الله ذكرا كثيرا﴾
إذا استحب لنا إنسان الأذان للعيدين والكسوفين والتراويح وقلنا كيف والنبي ﷺ لم يفعلها ولم يأمر بها وتركها طول حياته فقال لنا: إن المؤذن داع إلى الله وإن المؤذن ذاكر لله كيف تقوم عليه الحجة وكيف تبطل بدعته؟
الثالث:
قال تعالى: ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي﴾ الآية
لو صح الأخذ بالعمومات لصح أن يتقرب إلى الله تعالى بالصلاة والسلام [عليه ﷺ] في قيام الليل وركوعها واعتدالها وسجودها إلى غير ذلك من الأمكنة التي لم يضع الرسول ﷺ فيها ومن الذي يجيز التقرب إلى الله تعالى بمثل ذلك وتكون الصلاة بهذه الصفة عبادة معتبرة؟ وكيف هذا مع حديث " صلوا كما رأيتموني أصلي " رواه البخاري؟
الرابع: ورد في صحيح الحديث " فيما سقت السماء والعيون والبعل العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر " لو أخذ بعموم هذا لوجبت الزكاة فيها ولا مستند لهم في عدم وجوب الزكاة سوى هذا الأصل وهو أن ما تركه مع قيام المقتضي على فعله فتركه هو السنة وفعله هو البدعة
[٣٩]
1 / 39
السبب الحقيقي في اختلاف العلماء في عدد ركعات التراويح
فإن قيل: سلمنا بفساد هذه الشبهات كلها وسلامة النص من أي معارض فما هو السبب الذي جعل العلماء يختلفون في عدد ركعات التراويح؟
فنقول: الذي يبدو لنا في ذلك أمران لا ثالث لهما:
الأول: وهو الأقوى والأكثر: عدم الاطلاع على هذا النص الواد في العدد فمن لم يبلغه ذلك فهو معذور في عدم العمل به لقوله تعالى عن لسان رسول الله ﷺ في حق القرآن:؟ لأنذركم به ومن بلغ؟ بل هو مأجور لقوله ﷺ:
- ١٢ (صحيح)
إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد رواه البخاري وغيره]
الثاني: أنهم فهموا النص فهما لا يلزمهم الوقوف عنده وعدم الزيادة عليه لوجه من وجوه التأويل التي قد تعرض لبعض العلماء بغض النظر عن كونه خطأ أو صوابا كقول الشافعية: " وأما قول عائشة: ما كان ﷺ يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة فمحمول على الوتر ". ونحو ذلك من الوجوه التي لا تلزم غيرهم الأخذ بها لثبوت ضعفها لديهم فانظر مثلا إلى
[٤٠]
1 / 40
هذا الوجه الذي نقلته عن الشافعية فإنه ظاهر العف إذا تذكرت أن قول عاشة هذا إنما كان جوابا لمن سألها: " كيف كانت صلاة رسول الله ﷺ في رمضان "؟ كما سبق فالصلاة المسول عنها شاملة لكل صلاة الليل فكيف يصح أن يحمل على الوتر فقط دون صلاة الليل كلها مع أن هذا الحمل يفيد أنه ﷺ كان له صلاتان: إحداهما صلاة الليل - وما أدري كم تكون ركعاتها - والأخرى صلاة الوتر بأكثر ركعاته: إحدى عشرة ركعة وهذا مما لا يقوله عالم بالسنة فالأحاديث متضافرة على أن صلاته ﷺ في الليل لم تزد على الإحدى عشرة ركعة على التفصيل المتقدم فهذا من نتائج تأويل النصوص لتأييد المذهب
موقفنا من المخالفين لنا في هذه المسألة وغيرها
إذا عرفت ذلك فلا يتوهمن أحد أننا حين اخترنا الاقتصار على السنة في عدد ركعات التراويح وعدم جواز الزيادة عليها أننا نضلل أو نبدع من لا يرى ذلك من العلماء السابقين واللاحقين كما قد ظن ذلك بعض الناس واتخذوه حجة للطعن علينا توهما منهم أنه يلزم من قولنا: بأن الأمر الفلاني لا يجوز أو أنه بدعة أن
[٤١]
1 / 41